مرصد مينا
قال أستاذ العلوم السياسية، إسماعيل صبري مقلد في سياق تعليقه على عدم حدوث تطورات ملحوظة على الوضع في سوريا بعد عودتها إلى الجامعة “سوريا ليس لديها من المبادرات السياسية الجديدة والجريئة ما يمكنها تقديمه لتحفيز دول الجامعة على الاقتراب منها أكثر وتقديم المساعدات الاقتصادية والإغاثية اللازمة لها”.
وأضاف أن شبكة تحالفات النظام السوري الإقليمية َوالدولية مستمرة بصورتها الراهنة ولن تتغير، وذلك من منطلق أن لهم في دمشق حساباتهم التي تحكم مواقفهم تجاه كل الدول التي تتشارك سوريا معها الأدوار، في كل تلك الشبكات الإقليمية والدولية، وبالأخص مع القطبين الكبيرين فيها، روسيا وإيران، وهما الأكثر دعما لها والأوثق تحالفا معها والأقوى ارتباطا بنظام الحكم فيها.
مقلد أردف بحسب “روسيا اليوم”: إن العودة الفعلية لسوريا إلى الجامعة العربية مؤجلة، كما أن التحركات الفعلية في هذا الاتجاه تحكمها جملة من المحاذير. وقال: “اليوم يمر شهر كامل على انعقاد قمة جدة العربية، وعلى عودة سوريا إلى شغل موقعها في الجامعة العربية.. ولم تتحرك الأمور بالجميع بعد استعادة سوريا إلى الجامعة خطوة واحدة للأمام، فقد التزم الجميع الصمت التام ولم نعد نسمع عن تحرك من هنا أو هناك، لوصل الخطوط المقطوعة ببعضها، أو لترجمة هذه العودة على أرض الواقع إلى مرحلة جديدة ومختلفة من العلاقات، سواء بالنسبة لسوريا أو بالنسبة لمسيرة العمل العربي المشترك، فالأوضاع باقية على حالها، ويبدو أنها سوف تستمر كذلك، لفترة طويلة من الوقت”.
ورأى أن سوريا : “لا يمكن أن تقدم على الانسحاب من تحالفاتها بقرارات متسرعة وغير محسوبة لتبرهن به على تغييرها لتوجهها أو على استعدادها للتحرك في مسارات خارجية مختلفة، وهي التي لم تحصل بعد على المقابل العربي الذي يوازيها مردودا أو يعوضها عنها، أو يملأ فراغها، فكل ما تسمعه من الأطراف العربية الأخرى لا يزيد عن وعود مشروطة لا تؤمنها ضمانات كافية يمكن الوثوق فيها أو التعويل عليها.. فهي مجرد وعود مرسلة وغير محددة، وعود يمكن تعليقها أو التراجع عنها أو اختزالها في ما لا يكفي لسد احتياجات سوريا العاجلة من المساعدات الاقتصادية الضرورية لإعادة الإعمار والبناء بعد الدمار الشامل الذي لحق بكل بناها التحتية وأوصلها إلى هذه الأوضاع المأساوية، التي كادت تفشلها كدولة قابلة للحياة”.
وأضاف: “وقتها سوف تكون سوريا قد خسرت كل شيء وبخاصة حلفاءها الحاليين.. وهذا هو الخوف الماثل بشدة في حسابات القادة السياسيين السوريين، وفي تحجيم استجابتهم لما يطلب منهم تقديمه كإعلان نوايا من جانبهم.. فالقرارات صعبة والرهانات غير مضمونة والوعود وحدها لا تكفي”.
أما الأطراف العربية، بحسب مقلد، فإنها “ترى في بقاء الأوضاع السياسية في سوريا على الصعيدين الداخلي والخارجي على حالها، ما يجعلها تتحفظ وتفضل الانتظار على التسرع بتقديم المساعدات لسوريا. ولأن عودتها إلى الجامعة العربية كانت مشروطة بسيناريو تبادلي، يقوم على أساس خطوة مقابل خطوة، فجاءت الخطوة الأولى من الطرف العربي بإعادة سوريا إلى الجامعة، وبعدها جاء الدور على سوريا في الرد عليها بخطوة مقابلة تمهد لما بعدها.. وغياب هذه الخطوة السورية للأسباب التي أسلفناها، يعني أن التقدم في مسيرة العلاقات العربية السورية سوف يكون بطيئا للغاية، وربما يتجمد عند مستواه الحالي لفترة قد يطول مداها لأنها رهنٌ لظروف الداخل السوري نفسه”.