الموساد يقول : “نحن من نفذنا”، والإيرانيون يقولون “سنتحقق من الأمر”، دون نسيان “سنحتفظ بحق الرد”.
أما منشأة “نطنز النووية” فقد أصيبت بأضرار كبيرة بعد تعرضها لهجوم إلكتروني، تشير التقديرات إلى أن الأضرار، التي لحقت به، كبيرة، ومست أجهزة الطرد المركزي، و”قد تقوّض قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم”.
هذا الهجوم، وما من شك بأنه هجوم إسرائيلي، يأتي بعد أسبوع من الهجوم على سفينة إيرانية في البحر الأحمر، اتُّهمت إسرائيل بتنفيذه، ليكون بمثابة الإعلان بأن الحرب الخفية الدائرة بين إسرائيل وإيران لم تعد سرية، وأن التصعيد بين الجانبين قفز إلى مرحلة جديدة.
في جزء من التفاصيل، تقع منشأة “نطنز” -الأكبر من نوعها في البلاد- على بعد 260 كيلومترا من مدينة كاشان بمحافظة أصفهان الإيرانية، وقد تعرضت المنشأة لعدد من الهجمات والحوادث في السنوات الماضية.
ففي عام 2010، تعرضت منشأة “نطنز” ومنشآت نووية إيرانية أخرى لهجمات “ستوكسنت” (Stuxnet) الإلكترونية التي تسببت في تعطيل أجهزة الحاسوب في “نطنز”.
كما تعرضت المنشأة لحريق في يوليو/تموز 2020 بالجزء الذي يقع فوق الأرض، والذي تعرض لأضرار جسيمة.
وبعد ذلك بأسابيع، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الحادث نتج عن عمل تخريبي.
وفي القراءة الأبعد، فإن إسرائيل وفي استهدافها للسفينة الإيرانية، فتحت جبهة جديدة ساحتها البحر في حرب الظل الإقليمية ضد إيران والتي كانت تخوضها في السابق عبر الجو والبر، وعبر استهداف “نطنز” فإنها تدخل الحرب لعمق البيت الإيراني.
نيويورك تايمز تذكر في تعليق لها، أن إيران ترد فيما يبدو على ذلك الاستهداف بهجمات سرية دون إعلان المسؤولية عنها. ربما كان آخرها الخميس الماضي حيث أصيبت سفينة مملوكة لشركة إسرائيلية بصاروخ في بحر العرب، قالت مصادر إعلامية إسرائيلية إنه إيراني.
بالنتيجة، فإن ما يجري هو حرب باردة مكتملة الأركان وقد تتحول إلى حرب ساخنة بخطأ واحد، وبعده تخرج الأمور عن السيطرة.
ـ ما الذي يعنيه : خرجت عن السيطرة؟
يعني أنها ستكون أوسع من طرفين، في عاصمتين يتبادلان إطلاق الصواريخ الذكية منها والغبية، وقد تكون ساحاتها أوسع من مياه بحر الخليج، وستكون ساحة المواجهة الأولى في لبنان، فالأمين العام لحزب الله قال بالحَرف الواحِد: ‘الحرب في سوريا مع الوُكَلاء شارَفت على نهايِتها، والحَرب الثَّانِية مع الأُصلاء قد تَبدأ قَريبا’، الوُكَلاء هُم الجَماعات المُسلَّحة التي كانَت تُحارِب لإسقاط النِّظام في سوريا بِدَعم مِن الولايات المتحدة وبَعضِ الدُّوَل الخليجيّة، أمّا الأُصلاء فَهُم الأمريكان والإسرائيليّون وحُلفاؤهم العَرب في مِنطَقة الخليج”.
كلام نصر الله يَنطَوِي على دَرجة كَبيرة مِن الخُطورة، فالرجل يرسم ملامح التحركات العسكرية في المنطقة ليكون حزب الله حربتها.
وبالمثل، فمنذ بعض الوقت، ارتفع منسوب التوقعات بشأن حرب محتملة بين إيران وإسرائيل على الأراضي السورية، ومن الممكن قراءة الضربات الإسرائيلية المتكررة للمواقع الإيرانية في سوريا بوصفها هي الحرب وقد وقعت فعلا من غير إعلان صاخب وتحديد زمني؟ أي أن الحرب جارية فعلا، وليست متوقعة للمستقبل.
ثلاثة مسؤولين أمريكيين صرحوا لشبكة ‘إن بي سي’ بأن إسرائيل تستعدّ فعلا لحرب وشيكة مع إيران، كما تسعى للحصول على دعم من أمريكا، مضيفين أن الغارة الأخيرة على حماة في سوريا نفذتها طائرات حربية إسرائيلية من طراز (F15) وأنها ضربت شحنات صواريخ أرض جو، وأدت إلى قتل عشرات الجنود الإيرانيين”.
الكلام بمجمله يقول بأن المنطقة امام نصف حرب، والسؤال:
ـ أي معجزة ستمنع الحرب الشاملة؟
هذه المعجزة على الأرجح لن تأتي، فلم يعد السؤال إن كانت حرب إسرائيلية إيرانية ستقع، إنما متى ستقع؟ وربما متى هذه ليست بعيدة إنما فقط يفصلنا عنها أسابيع أو أشهر.
قد تقع مع أن كل القراءات تفيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد لا تكون جاهزة لخوض أي عمل عسكري جديد في المنطقة، لكن واشنطن وتل أبيب، وربما أيضا بالتنسيق مع بعض العواصم العربية، قد تصل إلى توافق بشأن عمل عسكري ليس داخل الحدود الإيرانية، ولكن يبدأ من سوريا حيث الميليشيات المرتبطة بإيران، وأيضا استهداف حزب الله في سوريا دون ضرب الحزب في الداخل اللبناني ابتداء. هذه الرسالة ستكون مرعبة لطهران بكل تأكيد.
وبالمثل، هناك توقعات كبيرة بأن تندلع حرب أمريكية إيرانية في حالة انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي لأن النظام الإيراني قد هَدَّد بأن رده على إلغاء الاتفاق سيكون ردا مزلزلا على الولايات المتحدة الأمريكية والأكيد أن إسرائيل تنتظر الإشارة حتى تشن حربا خاطفة ومدمرة ضد النظام الإيراني.
ـ الحرب إذا ما وقعت، ستكون بلا شك نهاية هذا الشرق الأوسط ودماره.
دمار في الخليج، ودمار في لبنان، وتدمير ما تبقى مما لم يدمّر من سوريا، وكلّه في خدمة “الملالي” الذين ينتظرون نهاية العالم ليكون خلاصهم، بظهور العزيز “المهدي”.
خلاصهم في إماتتنا.