بعوارض اقتصادية.. كورونا يفتك بعمال الأردن وخطر البطالة يطارد 400 ألف منهم

مرصد مينا – هيئة التحرير

دخول الأردن مرحلة جديدة من انتشار وباء كورونا المستجد، من خلال ارتفاع معدلات الإصابة وفرض حظر تجول جديد في البلاد لمدة 48 ساعة، يفتح الباب أمام إثارة قضية، أكثر الفئات الأردنية تأثراً بالأزمة الإنسانية والمعيشية، التي خلفها الوباء طيلة 7 أشهر من ظهوره في المملكة.

إحصائية جديدة يصدرها مركز بيت العمال الأردني للدراسات، تشير إلى أن طبقة العمال كانت من أكثر الطبقات تضرراً من انتشار الوباء وإجراءات مكافحته، مع تأثر أجور أكثر من 400 ألف عامل وسط ارتفاع معدلات البطالة من 19.3 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى 23 في المئة، خلال الربع الثاني منه.

وسبق للحكومة الأردنية، أن أصدرت تعميماً، قبل أسابيع، سمحت بموجبه لشركات القطاع الخاص، بتخفيض أجور الموظفين بنسبة تتراوح بين  بين 30 إلى 60 في المئة، خلال شهري أيار وحزيران الماضيين، على خلفية الإغلاق العام، الذي فرض في البلاد.

شبح البطالة يخيم وعمال بلا عمل

تأثر ما يقل بقليل عن نصف مليون عامل في الأردن، من أصل نحو مليون و350 ألف عامل في الأردن، لن يكون أسوأ السيناريوهات، التي تواجه سوق العمل الأردنية، وفقاً لما يؤكده الخبير الاقتصادي، “معن الرجوب”، لافتاً إلى أن استمرار الوضع القائم قد يؤدي إلى مزيد من الخسائر للشركات، وبالتالي تحول مئات الآلاف من الأردنيين إلى البطالة التقليدية.

كما يضيف “الرجوب”: “حالياً يمكن القول أن معظم طبقة العاملين في الأدرن، يندرجون تحت مسمى البطالة المقعنة، لا سيما وأن دخل 60 بالمئة من الأردنيين انحفض إلى ما دون 400 دينار شهرياً، وهو ما لا يتناسب مع أزمة ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف السكن”، مشيراً إلى أن السيناريو الأسوء يتمثل في أن نحو نصف مليون موظف وعامل باتوا مهددين بالفصل، لا سيما وأن الأشهر الأخيرة شهدت فقدان نحو مئة ألف أردني لوظيفته.

في السياق ذاته، يشير الخبير في سوق العمل الأردني، “محمد أبو صهيون” إلى أن المأساة الاقتصادية الأكبر، كانت من نصيب عمال المياومة والعاملين في قطاع الأعمال الحرة، لافتاً إلى أنها الشريحة، التي فقدت بشكل فعلي كل ما تملك خلال الأزمة الحالية، بما فيها مصدر الرزق.

إلى جانب ذلك، يوضح “أبو صهيون” أن نحو 58 بالمئة من قطاع الاعمال الحرة الصغيرة، توقف بشكل كلي مقابل 30 بالمئة توقف بشكل جزئي، بحسب الإحصائيات الرسمية، مشيراً إلى أن تلك الأعمال تشمل أصحاب سيارات النقل الأجرة وأصحاب المحال الصغيرة أو العاملين في مجال البناء، بالإضافة إلى صالونات الحلاقة، والتي قال إنهم يشكلون الفئة الأكبر من قطاع الأعمال الحرة في الأردن.

عوائل بوجبة واحدة وحل غائب عن الأفق

في الوقت الذي ينتظر فيه الأردنيون، تشكيل الحكومة الجديدة، يؤكد الشاب “صالح”  احد أبناء مدينة المفرق، شمال الأردن، لمرصد مينا، أن بعض الأسر اختصرت وجباتها إلى وجبة واحدة يومياً، لتوفير الإنفاق وسد العجز الحاصل نتيجة ارتفاع الأسعار وتوقف أعمال الكثير من معيلي تلك الأسر.

كما يشير “صالح” إلى أن الحكومة المستقيلة سعت لتحقيق إنجاز في محاربة الوباء على حساب المواطن، لافتاً إلى أن من لم يمت بكورونا قد يموت فقراً أو قهراً، في ظل تعطل حياته وأعماله، خاصةً وأن الكثير من الأردنيين يعتمدون على أنشطتهم المهنية الخاصة في ظل تراجع فرص التوظيف في الدولة أو القطاع العام.

بالإضافة إلى ذلك يتسائل  “صالح” عما قدمته إجراءات الحكومة المستقيلة ضد كورونا، مضيفاً: “قطعوا أرزاق الناس وأغلقوا البلاد وأنفقوا الملايين، وكانت النتيجة فقر المواطن وانتشار المرض، لماذا لم تنفق الدولة تلك الميزانيات على دعم حياة المواطن، المتضرر من إجراءاتها، أين أموال الضرائب، التي من المفترض أن تخرج الآن لدعم الشعب الجائع”.

إجابةً على تساؤل “صالح”، يلفت الباحث الاقتصادي “الرجوب” إلى أن العامل أو المواطن ليس هو الوحيد المتضرر من موجة كورونا، وإنما الدولة وموازنتها أيضاً متضررة بشكل كبير، بما يمنعها من تقديم حزم مالية كبيرة لدعم القطاعات المتضررة، كما هو الحال في بعض الدول، لافتاً إلى أن كورونا ضرب الاقتصاد الأردني في مقتل بعد نتائجه على صعيد السياحة والتجارة وحركة الطيران، التي تعتبر من أهم المداخيل للاقتصاد الأردني.

هنا يضيف “الرجوب”: “كورنا لم يؤثر على العاملين في قطاع واحد فقط وإنما أثرت على العاملين في كامل القطاعات، فهناك 200 الف عامل في قطاع السياحة على سبيل المثال، مهددين بالطرد من وظائفهم، كذلك الأمر بالنسبة لعمال الفنادق والطاعم وعمال قطاع الخدمات والمزارعين، كل ذلك، يترافق مع ارتفاع كبير في عجز الموازنة العامة، إلى 1.8 مليار دولار”، لافتاً إلى أن الأزمة أكبر من قدرة وإمكانية الحكومة على سدها.

في الحالة الأردنية.. مناعة القطيع هي الحل

أمام الإحصائيات الرسمية، التي تشير إلى فقدان نحو 40 بالمئة من الأردنيين لوظائفهم، فقط خلال الفترة الممتدة من آذار وحتى أيار، والتي تتزامن مع خسائر متتالية لمختلف القطاعات الاقتصادية، والأزمة الاقتصادية الحكومية، تعتبر الباحثة الاقتصادية “مها عبيدات”، أن الحل الوحيد لحل المعضلة الاقتصادية هو تطبيق مبدأ مناعة القطيع، وإعادة فتح البلاد مجدداً، على الأقل بما يسمح بعودة النشاط الاقتصادي ويخفف من وطأة الازمة الحاصلة، لافتةً إلى أن الحكومة القادمة عليها أن تدرك حجم الخطر المحدق والمحيط بمئات آلاف العمال.

كما ترى “عبيدات” أن تخفيف المرض أو الحد من معدل الإصابات في الأردن، لا يعني نجاح الحكومة القادمة بمهمتها، في حال عدم حل معضلة البطالة وتراجع الدخل لطبقة العمال، مشيرةً إلى أنه لا يمكن حل مشكلة دون أخرى، وانقاذ أرواح الأردنيين من وباء كورونا لا يعني تركهم فريسة للجوع والفقر وانقطاع الرزق، على حد قولها.

في السياق ذاته، توضح “عبيدات”: “استقبلنا العام الحالي بما يزيد عن مليون فقير، وفقاً لبيانات الحكومة، عندما كان خط الفقر محدد بمئة دينار شهرياً، أما اليوم مع انخفاض الدخل إلى ما يزيد عن النصف وارتفاع خط الفقر بسبب الغلاء إلى ما بين 250 إلى 350 دينار شهرياً، فإننا قد نودع العام بمليوني فقير على الأقل”، مشددةً على ضرورة مراعاة الضرورات الاقتصادية، مع اتخاذ الإجراءات الوقائية.

Exit mobile version