بكائيات “المعارضة” السورية.. البحث عن ندّابة من طراز جديد

“النظام الفاسد، النظام القاتل، النظام المارق”، واسطوانة من العزف على توصيف النظام، ثم لوم “المجتمع الدولي” بما يحمل هذا المصطلح من “ركاكة”، على إعادة هذا “الفاسد، القاتل، المارق”، إلى التعويم.

هذا هو خطاب “المعارضات السورية” التي كلما زاد عددها قلّ شأنها، وهي “المعارضات” التي تخطت بالممارسة والتنظير كل فساد النظام وجرائمه، ونافسته على المساحة التي لعب فيها، والتي حصد قوته منها، فيما لم تحصد هذه المعارضات سوى الهزال والضعف والتشتت وفتح الطريق ، كل الطريق، للمزيد من الاستعصاء في الحالة السورية، حتى بات الاستعصاء كما لو انه استعصاء أبدي.

معارضات تنهش ببعضها، وتقتتل في المساحات التي تحتلها، ومع كل الفشل الشنيع الذي رست عليه، لم يحدث أن أعادت النظر بخطابها، أو بتحالفاتها، أو بالأثمان التي دفعها السوريون من أجل:

ـ المزيد من تثبيت قوة النظام، والمزيد من تحالفات النظام، والمزيد من تغوّل النظام، وبالنتيجة في رسم انتصار لنظام كاد أن يرتجّ تحت وابل الحركات السلمية التي شهدتها الساحات السورية، فجاءت هذه المعارضات، لتخطف شرعية الشارع إلى رفاهية “الأوتيل”، فزادت على النظام:

ـ فساده فسادها.

ـ عنفه عنفها.

ـ جرائمه جرائمها.

سجونه سجونها.

وهذه “المناطق المحررة”، تشهد على أنها لم تتحرر من ثعابين النظام، إلاّ  لتقع تحت أنياب ضباع المعارضات، ويخرج من هذه المعارضات من يلوم دول عربية على إعادة التطبيع مع النظام، وبمختلف التهم، ومن بينها أنها والنظام تشاركتا معًا في حياكة المؤامرة على الشعب السوري، حتى غدا شعبًا موزع ما بين المقبرة، السجن، الهجرة.

يلومون هذه الدول، ومنها عربية، كما يلومون الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، وذات يوم، وكان باراك أوباما اشتغل (أقله بسفارته بدمشق) على دعم هذه المعارضات، وكان أن التقاها ليخرج في واحد من لقاءاته معها إلى ملاعبة كلبه في الحديقة الخلفية لبيته، موصيًا سكرتيرته باستكمال الحوار، لأنه لاحوار مع بشر:

ـ لايعرفون ما الذي يريدون، وإن عرفوا فلايعرفون الطريق اليه، وإذا ماعرفوا الطريق اشتبكوا في الطريق حتى إضاعة الطريق.

واليوم تعلو لهجة هذه المعارضات هجاء مرة لأمريكا وثانية للمجموعة الخليجية، وفي كل مرة لإيران وروسيا، فيما القسم الأول من “المهجوين” قدم لهذه المعارضات مايكفي من أسباب التأمل والتفكير ورسم استرتيجيات مواجهة لعنف النظام ولرسم صورة عن سوريا ما بعده، فيما حلفاء النظام من مثل روسيا وايران، لم يتزحزحا قيد انملة عن دعم النظام، أقله لمعرفتهم الجدية وربما الدقيقة بطبيعة هذه المعارضات بالغة الهشاشة، وبالغة التبعية، وبالغة الفساد، والعالم في السياسة وغير السياسة ليس متكأً خيريًا ولا جمعية لرعاية البلهاء.

خطاب واحد يتكرر، هو مزيج من البكائيات والهجاء.

لامراجعات للتجربة، ولا إعادة اصطفاف، ولا زهد بالمكاسب العابرة، ولا لحظة تخل عن الركض وراء المكاسب الصغرى، وفي كل آن:

ـ إعادة انتاج أحطّ ما في ثقافة النظام، بفارق:

ـ أنه نظام استولى على الدولة، فيما معارضة طردتها الدولة دون أن تنتج حتى:

ـ ندّابة من طراز جديد.

Exit mobile version