زاوية مينا
اللبنانيون، ولنقل “معظمهم” متفائلون بـ “دونالد ترامب”، وقد استبق الفوز بالرئاسة بتصريحات تفيد بأنه “سيوقف الحرب”، أما كيف سيوقفها؟ فهو سؤال يحمل في طيّاته ما لا يمكن حشوه بالتوقعات، فاليقين الوحيد الذي يمنحه ترامب، وكما وصفته نيويورك تايمز هو :
ـ اللايقين.
غير ما تسرّب للإعلام، وتداولته “إسرائيل هيوم”، فيفيد بأن حزب الله قد وافق على مُجمَل ما يحمله القرار 1701 وملحقاته، والمتضمن الشرط الأكثر قسوة على الحزب، والذي يعني تراجع الحزب إلى شمال الليطاني، ومع التراجع نزع سلاح الحزب، كما قطع أيّ طريق لسلاح جديد يمكن أن يصله من المعابر كما بين سوريا / لبنان، أو من البحر، فيما كان اعتراض حزب الله على بند من مشروع الحل، وهو منح إسرائيل حق الرقابة على الحزب، ما يعني نقل جثة الحزب إلى مقبرة وصلاة الغائب عليه.
اللبنانيون متفائلون، وثانية معظمهم، ومعظمهم هذا بات له رجاء واحد:
ـ خلصونا من حزب الله.
أما عن خلّصونا، فلم تأتي من فراغ، فتراث الحزب وما تركه للـ اللبنانين عبر مسيرته وقد امتدت إلى أربعين سنة فلم يكن سوى:
ـ تكبيل الدولة والحيلولة دون صيغتها / تخويف الناس والاستيلاء على مدّخراتهم من الأفكار والشراكة الوطنية / الاغتيال السياسي وقد أطاح بخيرة النخب اللبنانية التي تتحفظ اليوم على “شكر إسرائيل” فيما واقع حالها يشكر ويشكر ويشكر، وهذا بهاء الحريري ابن رفيق الحريري، ينشر عبر حسابه على منصة اكس، فيضاً من الامتنان لاغتيال قاتل أبيه “سليم عياش”، وإن لم يصرّح ببالغ الوضوح بـ “الشكر لقاتله” وهو الجيش الإسرائيلي.
اللبنانيون متفائلون بمرحلة دونالد ترامب، ودونالد ترامب مستعجل على كرسي البيت الأبيض حتى أنه بدأ يمارس صلاحيات الرئيس عبر مستشاريه، بل ومستشاري جو بايدن، وثمة معلومات ترشح من هنا وهناك تفيد بأنه على تواصل مع آموس هوكشتاين، محفّزاً المبعوث الأمريكي إلى لبنان على نسج ما يكفي للوصول إلى إيقاف الحرب، بما يكفي للوصول إلى صيغة تؤمّن الحدود الإسرائيلية إلى الأبد، والأبد هنا مرهون بنزع أيّ سلاح في يد أي ميليشيا، والطبيعي أن يكون نزع سلاح حزب الله هو أولوية الأولويات، غير أنها الأولوية التي لن تتحقق بيسر وسهولة، ذلك أن حزب الله بلا سلاح، سيكون حزباً بلا إله، أما تكليف الجيش اللبناني بنزع سلاحه، فلن تكون سوى المغامرة الكبرى التي قد تطيح بلبنان كل لبنان.
ووفقاً لتعبير لبناني متوافق عليه، فإن مئة سنة حرب ما بين لبنان وإسرائيل، هي أسهل من يوم حرب أهلية واحد، وليس مستبعداً الوصول إلى هذا اليوم إذا ما اقدم الجيش على مثل هذه الخطوة التي تعني انتحاراً نهائياً لحزب الله الذي لم تنحره الحرب بما يكفي لنحر نفسه، وفيه (ونعني الحزب) مايكفي من الصقور لرفض مثل هذا الخيار، وهؤلاء كفيلين بإشعال الداخل اللبناني، وليس صدفة تلك الحرب الكلامية التي تُشن على الجيش في بحر الأسبوع الفائت، والتي أطلق فتيلها نعيم القاسم، وارث حسن نصر الله وفاقد عمامته.
اللبنانيون متفائلون، لا لأن حقائق الأرض تستدعي التفاؤل، بل لأن اليأس حين يصل ذروته لابد وأن يعثر على قوّة جاذبة توازي القوّة النابذة التي تعني :
ـ ضرورة التفاؤل
وإلاّ؟
وإلاّ سيقتلهم اليأس بعد أن قتلتهم الحرب ومن قبلها قتلتهم المصارف، ومن قبلهما قتلهم الفساد، ومن قبل قبل قتلتهم سياسات الزواريب التي أنتجت:
ـ دويلة في الدولة.