هل سيذهب العالم باتجاه الحرب الكبرى، أم سيكتفي بإطلاق طبولها؟
ذلك هو السؤال الذي يستتبع مقتل قاسم سليماني، والمؤكد من المجهول هو التالي:
ـ لن تتوانى طهران عن توجيه ضربة عسكرية للقوات الأمريكية المنتشرة في واحدة من الجغرافيات الآسيوية، وربما في أمكنة أخرى، وبعدها سيتوقف الأمر عندما سيكون عليه حال الرد الأمريكي على الضربة.
في التصريحات الإعلامية فالرئيس دونالد ترامب، يبشّر الايرانيين باستخدام ترسانته الحربية.. كل ترسانته الحربية أو الأكثر فاعلية فيها، وعلى الجانب الايراني فليس لدى حكومة الملالي من بدّ أن تذهب الى المجهول الذي يعني فتح بوابات الحرب إلى آخرها.
في أفضل الحالات، ستكون الحرب تحت سقف الحرب الكبرى وفوق سقف الحرب المحدودة، والأهم من هذا وذاك أن حربًا كهذه لن تتوقف عند طرفيها (طهران / واشنطن)، وإنما ستطال المنطقة كل المنطقة لتشمل الخليج العربي، وليس لبنان مستبعدًا من تلقي شرارتها.
المملكة السعودية تعمل اليوم على إطفاء الحريق، فتوجه وفد دبلومسي إلى واشنطن تفيد المعلومات أنه يحمل رسالة الإطفائي، ومقابل ذلك فقد كانت “قطر” الخصم المعلن للمملكة قد أرسلت وزير خارجيتها إلى طهران ليحمل أيضًا رسالة الإطفائي، مما يعني أن الخليج، كل الخليج (بما فيه المختلفون) متوافقون أن حربًا كهذه لن تكون سوى انتصار للدمار على الحياة في منطقة هي الأعلى ثروة في العالم، والأكثر قابلية لدمار ثرواتها فيما لو وقعت الحرب.
هي المعضلة الكبرى التي مرّ بها القرن الواحد والعشرون، بل حتى القرن العشرين الذي تواجهه المنطقة العربية، دون نسيان أن لبنان، قد يعاد ثانية الى قبضة حزب الله بعد أن كسرت يد هذا الحزب عبر ثورة الشباب اللبناني، وهاهم القادمون من لبنان، يحكون عن سلسلة الجداريات التي تحمل صور قاسم سليماني على طول الطريق الموصل من بيروت إلى مطارها، وكانت بيروت قبل أيام معدودة قد انتزعت عن جدرانها صور حسن نصر الله كما صور الخميني ومزقتها شر تمزيق.
أياً كانت القراءات والتوقعات، فما أقدم عليه الرئيس الأمريكي، لم يكن سوى:
ـ فتح الطريق ثانية لنهوض عصابة الملالي بعد سقوطها، سقوطها في ساحات بغداد عبر تظاهرات شبابه، وسقوطها في لبنان عبر تظاهرات شبابه، وكذلك بدايات سقوطها في شوارع طهران وقد كان السبق لشباب طهران في البصق على صورة الملالي، ضباع هذا العصر وأشدّ ظلامييه ظلامة.
ـ فتح الطريق ثانية لنهوض عصابة الملالي بعد سقوطها، سقوطها في ساحات بغداد عبر تظاهرات شبابه، وسقوطها في لبنان عبر تظاهرات شبابه، وكذلك بدايات سقوطها في شوارع طهران وقد كان السبق لشباب طهران في البصق على صورة الملالي، ضباع هذا العصر وأشدّ ظلامييه ظلامة.
نمر الورق، الذي كان حتى الأمس يتمثل بالسلطة في إيران وبـ “حرسها الثوري” تحوّل بين ليلة وضحاها الى نمر حقيقي.. فيما تحوّلت المنطقة إلى غابة ليس من السهل التعرف على أي نحو ستحترق.
اغتيال قاسم سليماني، كان يمكن أن يتحقق بصمت كما مئات الاغتيالات التي شهدها هذا العالم، فلكواتم الصوت من أفعال ربما يعجز عن إحداثها ذلك الاغتيال الذي وقع في ضجيج ليل بغداد.. فقد حدث وأن اغتيل عماد مغنية ومضى كما لو لم يكن، ومئات الاغتيالات وقعت على شخصيات من كلا الطرفين ودون ضجيج، غير أن ذهنية الاستعراض التي تسطو على الرئيس الأمريكي، حوّلت قاسم سليماني إلى قضية وجدانية لبشر لم يمنحوا أي دور للوجدان منذ انتصار الخميني، مرورًا بسلسلة الاغتيالات التي ارتكبوها بدءًا من اغتيال حسين مروة الى اغتيال مهدي عامل، وفي الذروة كان اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
كارثة أن يحتكم هذا العالم للبهلوانيات.. وقد حدث أن بات محكومًا إليها.
أيام وستكون الصورة أوضح.
أيام وقد يدخل العالم في متاهة لن يخرج منها قبل أن تحترق أياديه وجماجمه وحتى فروة رأسه.
تلك هي الحماقة.