بالتزامن مع تطورات المشهد السياسي السوري، واكتساب القضية السورية زخماً أكبر على الساحة الدولية بعد تشكيل اللجنة الدستورية، يبدو أن الساحة الميدانية بدورها لن تكون خارج إطار تلك التطورات، لا سيما في ظل عودة السخونة لعدة جبهات قتال، كانت قد فترت خلال الأشهر الماضية بفعل اتفاقيات المصالحة أو وقف إطلاق النار على حد سواء.
مسقط رأس الأسد معارك لا تنتهي
آخر التطورات الميدانية جاءت من ريف مدينة اللاذقية؛ مسقط رأس “بشار الأسد” وخزانه البشري؛ حيث أعلن ناشطون عن مقتل عدة عناصر من قوات النظام السوري أثناء اشتباكات مع فصائل المعارضة يوم أمس، في قرية “فورو” على السفح الشرقي لجبل الأكراد.
وأشار الناشطون إلى أن فصائل المعارضة صدت أيضاً هجوماً شنه النظام على كلٍ من بلدتي السرمانية ودوير الأكراد؛ وتلال الكبانة في المنطقة ذاتها، مما أدى إلى إعطاب عدة آليات عسكرية تابعة للقوات المهاجمة.
في غضون ذلك، اعترفت وسائل إعلامية تابعة للنظام بمقتل 7 من عناصر الجيش خلال المعارك بريف اللاذقية.
مهد الثورة يشتعل من جديد
على الرغم من اتفاقيات المصالحة التي وقعتها فصائل المعارضة في مدينة درعا؛ والتي أدت إلى إخراج المئات من مقاتليها باتجاه الشمال السوري، إلا أن النظام حتى اللحظة لم يتمكن من تأمين مواقعه في المدينة، بحسب ما أفاد به ناشطون، لافتين إلى تصاعد حدة المواجهات في مدينة “الصنمين” بريف درعا الشمالي، بين فصائل معارضة وقوات نظام “بشار الأسد”.
في غضون ذلك، أكدت مواقع إعلامية معارضة للنظام؛ أن المواجهات قد تجددت بين الطرفين خلال الساعات الماضية متسببةً بوقوع قتلى وجرحى بين الجانبين، مشيرين إلى أن المواجهات المسلحة استمرت ساعات طويلة، تخللها هجوم على الحواجز العسكرية واستقدام تعزيزات عسكرية للنظام من الفرقة التاسعة معززة بالدبابات والمصفحات التي طوقت المدينة وبعض الأحياء.
وأكد ناشطو المدينة، أن الاشتباكات المذكورة ليست الاولى من نوعها خلال الأسابيع الأخيرة في درعا، لافتين إلى أنها شهدت عدة مواجهات مسلحة، أسفرت عن مقتل عدد من عناصر النظام.
وأكد الناشطون أن معارك مشابهة خلال الأسبوع الماضي دارت بالأسلحة الخفيفة في الجهة الشمالية والجنوبية من المدينة، وفي الحي الشمالي الشرقي من مدينة “الصنمين”، مشيرين إلى أن الاشتباكات نتجت عن هجوم شنه “ثوار الصنمين” ضد مواقع للنظام.
أما التطور الأبرز الذي شهتدته محافظة درعا، كان استهداف فصائل مسلحة لقوات النظام السوري بالقرب من معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن والذي افتتح قبل أشهر أمام حركة المسافرين بين البلدين، ما أدى إلى وقوع اشتباكات حول المعبر، هددت بإغلاقه مجدداً وفقاً لمصادر محلية معارضة.
السلمية وإسقاط النظام إلى الواجهة من جديد
“الشعب يريد إسقاط النظام”؛ كان الهتاف الأول الذي أطلقه المتظاهرون في سوريا قبل سنوات، والذي عاد مجدداً، ولكن هذه المرة من بوابة مينة دير الزور، التي شهدت يوم أمس خروج مظاهرات معارضة للنظام والميليشيات الإيرانية المنتشرة في المدينة.
اللافت في المظاهرات ووفقاً لمصادر من المدينة؛ العودة لتقليد إطلاق شعارات معينة كتسمية لمظاهرات أيام الجمعة، وهو التقليد الذي بدأ مع أولى المظاهرات التي انطلقت من درعا، قبل أن يختفي بفعل الحرب والعمليات العسكرية على حد قول المصادر، التي أشارت إلى أن المتظاهرين أطلقوا على مظاهراتهم تسمية “شهداء الصالحية”.
وبينت المصادر أن المظاهرات انطلقت على المدخل الشمالي لمدينة دير الزور الذي تسيط عليه ميليشيات “قسد”، حيث تجمهر المئات المطالبين بخروج قوات النظام والميليشيات الإيرانية من مدينتهم وقراهم، بما يسمح لهم بالعودة الآمنة لمنازلهم التي هجروا منها قبل سنوات.
ناشطون أكدوا أن المظاهرات أقيمت بالقرب من أحد حواجز النظام في دير الزور، مشيرين إلى أن ميليشيات “قسد” فضت المظاهرة وقطع الطرق المؤدية أمام مئات المتظاهرين الذين تجمعوا عند الدوار السابع ودوار المعامل، ومنعتهم من الوصول إلى مكان التجمع للمشاركة.
يذكر أن الثورة السورية قد اندلعت في الأشهر الأولى من العام 2011، والتي سرعان ما انتشرت في المدن والمحافظات السورية؛ مطالبةً بإسقاط نظام “بشار الأسد”، خاصة مع رد الأخير على المتظاهرين باستخدام القوة المفرطة والقمع، ما أدى إلى دخول البلاد منذ ذلك الوقت في آتون حربٍ مدمرة، أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين ونزوح وتهجير الملايين، بالإضافة إلى دمار مدنٍ بأكملها كحمص والرقة ودير الزور وغيرها، كما أدت إلى انهيار تام في المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي