نبيل الملحم
يحكون في ويكيبيديا عن الملك بيبي الثاني، وينقلون عن بردية ايبوير بعض من صفات الملك، فهو:
ـ يرسل البعثات الحربية إلى مختلف الأقطار ويكون “منتصرًا”.
وهو” ظلّ في سدّة الحكم فترة طويلة قيل 94 عام وقال البعض بل ظلّ في الحكم قرابة 64 عام بسبب اختلافات في طريقة الحساب للسنوات بالنظام النصف سنوي.
وهو من أشرس المحاربين بتاريخ مصر القديم.
هذا الـ “هو”، لم تسقطه الحروب، لقد أسقطته مجاعة الناس، فكانت اول “ثورة جوع” في التاريخ، نتجت عن مجاعة وفقر وتردّى أحوال مصر في عهده، مع أن المجاعة لم تحدث بفعل نهب “آل مخلوف”، ولا من بعدهم “آل الأخرس”، ولم تتسبب بها أجهزة استخبارات نظام يسطو على لقمة المترملة، ولا يعف عن نفط البلاد وعلى مدى خمسين عام من حكم الأب إلى وريثه الابن.
تبهدل الملك “بيبي”، مع أن المجاعة وقعت ناتج ظروف ارتبطت بـ “خديعة الطبيعة” لا “سفالة الحاكم”، فدراسات العصر الجيولوجي الهولوسيني (والكلام لويكيبيديا) أكدت ظاهرة انخفاض منسوب النيل كما حال مناطق أخرى على مستوى الكوكب الأرضي ومنها بلاد العراق والجزيرة العربية وشمال أفريقيا ككل.
“بيبي الملك” كان عصره عصر قوّة وعظمة وسلطان شاسع، ما يعني أنه كان محاربًا وليس فائض حرب، وفارسًا وليس لاعب بلاي ستيشن.. بطبيعة الحال لم يكن له برلمان لـ “طلائع البعث”، ولا اتحاد عمال يقوده المرحوم “أبو أديب عز الدين ناصر” إلى ما بعد بعد رحيله، كان الرجل يتحدر من الأسرة الفرعونية السادسة التي صُنّفت على أنّها آخر أسر عصر المملكة الفرعونية القديمة، وعلى الرغم من هذا التراث الملكي الهائل، لم يحظ “بيبي” بقبر يليق بـ “فرعون”.. لقد كان قبره فارغًا كما أفرغ كرسي الملك من الملك.
المجاعة كانت السبب، والجوع كما وصفه “زياد” كافر، وأكثر من كافر أنه “لايغفر”، حتى لو كان صاحبه يمتلك انتصارات على “الليبيين” و “النوبيين” وتمتد أساطيله الفاتحة.
“ثورة الجياع” أسقطت بيبي وحرمته من العرش والقبر معًا.. هذا “بيبي” الملك، الفرعون، سليل ستة أسر فرعونية، فما حال وارث حكم أساسه “الغدر” بالأصدقاء، والاستيلاء على السلطة، ونهب الموارد، وتبليط نهر بردى بعد تعهيده للجفاف المقصود، وبعد نصف مليون قتيل، وبيع البلد للإيراني، ومنحها بـ “صك غفران” للروسي، ومايزيد عن 900 الف صورة لضحايا التوحش في السجون، وبعد أن بات الرغيف حصانًا لايمكن اللحاق به، لأم جف حليبها من الجوع؟
ـ لاتبخسوا الجوع حقه.
قد يكون الجوع “أبو الكفار” كما يرى “النوّاب”.
وقد يكون “أبو الثورات”.