مرصد مينا
كما لو أن الحشد الشعبي في العراق، هو قوّة موسيقية لا أحزمة ناسفة، وكما لو أن حرس قاسم سليماني لم يستول على العراق باقتصاده وسلاحه وناسه، وكما لو أن السوداني وحده من “لم يعترف بحكومة أحمد الشرع” فيما تداعت الدول العربية الأساسية بالترحاب بالمرحلة الانتقالية في سوريا، بعد أن كانت سوريا منقطعة عن أيّ بعد عربي لتكون تحت سطوة الولي الفقيه، وقد انتزعت كما لبنان من يده، بل وكما غزة، ويتساءل العراقيون:
ـ ما الهدف؟
الإجابة لن تكون عسيرة، فإذا كانت صفة “الإرهاب” قد التصقت بـ “الجولاني” فالرجل تحرر من الاسم، كما تحررت سوريا من خامنئي وتوابعه، فيما لايزال “المرشد” يشتغل على إيقاد النيران في سوريا ليستعيد ماخسره، فهذا حزب الدعوة العراقي يهتدي بخطاب خامنئي وممارسته السياسية، وكان خامنئي قد وعد للمرة الثالثة في نحو ثلاثة أسابيع باستعادة سوريا من الحكام الجدد، وقال إن الدماء التي أُريقت من قوات ما يُسمى “المدافعين عن الحرم” في سوريا لم تذهب سدى.
في خطاب له بمناسبة ذكرى مقتل قاسم سليماني، قال خامنئي: “بعض الناس، بسبب عدم التحليل والفهم الصحيح، يقولون إن الدماء التي أُريقت للدفاع عن الحرم ذهبت سدى”.
وأضاف بعنجهيته محنية الرقبة: “لو لم تُسفك هذه الأرواح، ما كان هناك خبر اليوم من مرقد زينب، ولا من كربلاء ولا من النجف”.
حتماً، من حق المرشد أن “يبكي” مُلكاً أضاعته سياساته، فالتكلفة كانت عالية وكان علي أكبر أحمديان، أمين مجلس الأمن القومي في طهران، قد قال في وقت سابق إن إيران ليست نادمة على التكلفة التي دفعتها في سوريا، ومع ذلك، أقرّ بأن دعم الجماعات الوكيلة أصبح “أكثر صعوبة”.
ورغم ما لهذا الكلام من اعتراف بالغ الوضوح، قال خامنئي: “الأحداث التي جرت في هذه السنوات، والمدافعون عن الحرم، أظهرا أن الثورة الإسلامية حية”.
ـ حيّة؟
ما الذي تبقّى لها من حياة؟
سيرفع المرشد من نبرة صوته، حتى يكاد يقع في هستيريا اللغة، بل في ابتذالها، وهكذا نسمعه يقول:” “لا تنظروا إلى هؤلاء الجولانيين الباطلين، هؤلاء الذين يتبجحون اليوم سيتعرضون يوماً ما للسحق تحت أقدام المؤمنين”.
ـ أيّ مومنين يقصد؟
هي اللعبة التي استنفذت شروطها وحواملها، فالخمينية لابد وتشتغل الآن، وتحديداً في الساحل السوري على تجميع المهزومين… هي النفس الأخير ما قبل إعلان موتها، فما يحدث في الساحل السوري اليوم، يؤكد أن خامنئي يشتغل على استعادة العصابة وتمويلها لاستعادة ما اعتبره يوماً امتداداً لولايته، ويحدث هذا عبر آخر وسيلتين يمتلكهما:
ـ الأولى عبر العراق، والإمساك بعنق حكومتها ليحوّل العراق إلى ممر للسلاح نحو سوريا.
والثانية الاستثمار في العلويين السوريين من “فلول” النظام البائد، لاعلويي رفض عزلهم واقتطاعهم من بلدهم، ليتحوّلوا إلى ساطور بمواجهة أهلهم.
خامنئي في مواجهة هزيمته، لابد ويشتغل في لبنان، لبنان القمصان السود والموتسيكلات والرايات الصفراء التي لاتحمل سوى الرياح الصفراء لأجمل بلدان المتوسط.
في مواجهة هزيمته، لابد ويشتغل على إيقاد نار الفتنة في سوريا.
وفي مواجهة هزيمته، لابد ويضغط على عنق الحكومة العراقية التي لن تتحرر من قبضته سوى بقطع أذرعته:
ـ أذرع صنعها قاسم سليماني وطالما حوّلت بغداد إلى حقل دم وعربات متفجرة.