مرصد مينا – لبنان
يمر لبنان بمرحلة صعبة جداً، قد تعيد بحسب مصدر سياسي لبناني، ومحللين سياسيين، خلط الأوراق على الساحة المحلية بشكل صادم ومفاجئ، لا سيما مع ما تكشفه المصدر عن إمكانية وضع حزب الله لاسم رئيس التيار الوطني الحر “جبران باسيل”، على قائمة الاغتيالات المستقبلية.
يقول المصدر لمرصد مينا: “قد يعتبره البعض، وخاصة غير المطلعين على الشأن اللبناني بشكل كبير، أنه نوعاً من الجنون، عندما أقول بأن حزب الله في مرحلةٍ ما قد يفكر في اغتيال باسيل، ولكن هذا أمر واقعي كشفت عنه جملة من التحولات في الساحة اللبنانية”، لافتاً إلى أن الحزب ينظر إلى “باسيل” ووالد زوجته، الرئيس اللبناني، “ميشال عون” كمجرد حلفاء مرحلة فرضتهم ظروف سياسية معينة.
تجاوز الحدود وخلفاء من مستوى حسان دياب
الدفع باتجاه فرضية اغتيال “باسيل” في مرحلة قادمة من مستقبل لبنان، يربطه المصدر بمواقف بعض قيادات حزب الله، التي ترى أن “باسيل” بات يتصرف كصاحب نفوذ في لبنان وصاحب طموح بخلق قوة موازية على الساحة اللبنانية، قوامها من المسيحيين، موضحاً: “الحزب يعتقد أن حالة التحالف مع باسيل أنسته مكانة الحزب وأن حسن نثر الله بمثابة المرشد في لبنان، خاصة مع تغاضي الأخير عن تجاوزات صهر الرئيس، الذي بدأ ينظر لنفسه كند للحزب وأمينه العام، ويذهب باتجاه السيطرة على الصوت المسيحي والظفر بكرسي الرئاسة اللبنانية خلفاً لعون”.
كما يشير المصدر إلى أن تصريحات السفيرة الأمريكية في بيروت “دروثي شيا” حول “باسيل” والعقوبات والتسويات التي عرضها، دفعت عدد كبير من قيادة الحزب إلى اعتبار أن رئيس التيار الوطني الحر تجاوز الحدود وأنه مستعد لاستغلال ورقة الحزب مقابل التسويات السياسية.
يذكر أن السفيرة الأمريكية، قد اتهمت “باسيل، بالكذب في تصريحاته حول رفضه المساومة على علاقته مع حزب الله، مشيرةً إلى أن “باسيل” كان مستعد للتخلي عن حزب الله، وأن رفض الولايات المتحدة لمطالبه حينها هو ما دفعه للتراجع عن موقفه.
تعليقاً على تصريحات المصدر، يوضح المحلل السياسي، “ميشال بو صعب” أن حزب الله يبحث عن حلفاء من حجم رئيس الحكومة اللبنانية الحالية، “حسان دياب”، من جهة عدم قدرته على الخروج من عباءة الحزب أو الانقلاب عليه، مضيفاً: “يبحثون عن حلفاء بلا طموح ولا ظهر ولا سند، وهو ما لا يتوفر في باسيل”.
كما يلفت “بوصعب” إلى أن العلاقات بين حزب الله والتيار العوني في أساسها قائمة على العداء التاريخي والاصطفاف ضمن المعسكرات المتقاتلة، مشيراً إلى أن ظرف سياسي معين جمع بينها لمصالح مشتركة عام 2008، كما أنه من الوارد جداً أن يأتي ظرف آخر ويفرقهما، خاصة في ظل الأزمة الحالية، على حد قوله.
اختلاف كفة الميزان .. لماذا الاغتيال
توجه حزب الله إلى احتمالية الاغتيال ضد “باسيل”، يربطها “بوصعب” بطبيعة تفكير الحزب، بالإضافة إلى التأثير الإيراني في آلية تعاطيه مع الساحة اللبنانية، لافتاً إلى أن الحزب يرى أن طموحات “باسيل” في تشكيل القوة الموازية لحزب الله، لن تنته إلا بتغييبه عن الساحة بشكل كامل.
كما يوضح “بوصعب”: “آلية تفكير حزب الله وتعامله مع القضايا المصيرية، تشبه التفكير المافيوي القائم على عدم ترك الأعداء في الخلف، أي تصفيتهم بشكل نهائي لضمان عدم تسببهم بأي مشكلات”، مشيراً إلى أن الحزب يشعر بأن موازين التحالف بينه وبين التيار العوني بدأت تختلف وتخرج عن السياق المرسوم له.
اتفاقاً مع ما قاله “بوصعب”، يشير الباحث في شؤون الميليشيات في الشرق الأوسط، “خليل أصمعي” إلى أن حزب الله وبعد اغتيال “رفيق الحريري” وفقدانه للحليف السني عام 2005، فبدأ يبحث عن قواعد في الوسط المسيحي، لتثبيت وإرساء واقع سياسي معين، وهو ما وجده في “ميشال عون” عام 2008، لافتاً إلى أنه مع صعود نجم “باسيل” انقلبت الآية وبدأ الأخير يستغل الحزب لتحقيق مصالحه وليس العكس.
أما عن فرضية الاغتيال، فيؤكد “أصمعي” أن عملية قتل “باسيل” لن تكون أكثر تعقيداً وخطورة من اغتيال “الحريري”، لا سيما وأن “باسيل” خلافاً “للحريري” لا يمتلك أي شعبية في الأوساط اللبنانية، خارج دائرة التيار الوطني الحر، رابطاً توقيت التخلص من “باسيل” بمدى قدرة حزب الله على إيجاد حليف جديد سواء بين السنة أو المسيحيين، بالإضافة إلى قدرته على تجاوز حرج المرحلة الحالية والأيام المتبقية للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته “دونالد ترامب”.
يشار إلى أن “باسيل” قبل العقوبات الأمريكية عليه، كان قد لوح في عدة تصريحات صحافية عن حالة ضرر لحقت بالتيار العوني بسبب التحالف مع حزب الله، قبل أن يعود بعد العقوبات ويؤكد حالة التحالف بين تياره وبين الحزب.
في سياق توقعاته لما قد ينتج عن اغتيال “باسيل” فيما لو تم، يرجح “أصمعي” أن ينحصر الأمر على مسألة الإدانات والتصريحات وبعض التحركات الخجولة من قبل الدولة اللبنانية، لافتاً إلى أن علاقة “باسيل” سيئة حتى مع قيادات التيار وداخل عائلة الرئيس اللبناني.