تحالف “الإعمار والتنمية” يشعل صراع الكتل الشيعية في العراق

مرصد مينا

في تحرك سياسي لافت، أعلن مطلع الأسبوع الماضي عن تشكيل “كتلة الإعمار والتنمية” النيابية، التي تضم 54 نائباً في البرلمان العراقي، جميعهم ينتمون إلى قوى “الإطار التنسيقي” الشيعي سابقاً، بالإضافة إلى شخصيات وقوى صاعدة كانت قد دخلت البرلمان في انتخابات عام 2021.

تُعد الكتلة البرلمانية الجديدة امتداداً لتحالف “الإعمار والتنمية” الذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في نهاية شهر مايو الماضي، ضمن تحركات توصف بأنها محاولة لتعزيز نفوذه السياسي قبيل الانتخابات المقبلة.

اللافت أن جميع أعضاء الكتلة ينتمون إلى قوى وأحزاب شيعية، وهو ما اعتبره مراقبون استهدافاً مباشراً لـ”القوى الشيعية التقليدية”، ما أثار حساسيات كبيرة داخل البيت الشيعي، خاصة بين السوداني وأقرب حلفائه داخل الإطار، الذين لعبوا دوراً أساسياً في وصوله إلى رئاسة الوزراء بعد انتخابات 2021.

يرى متابعون أن السوداني يسير على نهج نوري المالكي، الذي سبق أن أسس ائتلاف “دولة القانون” عام 2010 في ظل الفوضى الأمنية، مستغلاً رغبة الشارع بفرض الاستقرار والنظام، بينما يعتمد السوداني على خطاب التنمية والإعمار في بلد أنهكته الحروب والفساد، مستفيداً من الاستقرار النسبي في البلاد خلال السنوات الماضية، ومن رغبة المواطنين بانطلاق مشاريع التنمية وتوفير الخدمات وفرص العمل.

وأكد بيان الكتلة النيابية الجديدة أن “كتلة الإعمار والتنمية” تحمل مشروعاً لإعادة بناء الدولة العراقية، عبر بناء نظام سياسي ناضج قائم على التنمية العادلة وتوزيع الثروات بشكل منصف، إلى جانب تشريع قوانين داعمة للبنى التحتية والقطاعات الاقتصادية.

ورغم الحديث عن أهداف تنموية واضحة، إلا أن مراقبين يرون أن تحركات السوداني تهدف بالدرجة الأولى لتعزيز موقعه السياسي استعداداً للانتخابات المقبلة، مستغلاً قرب نهاية عمر البرلمان الحالي، مع تبقي نحو أربعة أشهر فقط على الانتخابات المقررة في منتصف نوفمبر المقبل.

مصادر داخل “الإطار التنسيقي” لم تُخفِ استياءها من خطوات السوداني الأخيرة. ونقل عن مسؤول رفيع في تصريح صحافي قوله” إن رئيس الوزراء استمال مبكراً العديد من النواب عبر تقديم تسهيلات كبيرة، ما أغضب قيادات الإطار، لا سيما أن بعض النواب المقرّبين من السوداني كانوا يتعمدون تعطيل تشريعات لا تخدم توجهاته داخل الحكومة.

المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن إسمه أشار أيضاً إلى أن السوداني يوظف موارد الدولة في حملته الانتخابية بشكل مباشر، من خلال استمالة نقابات مهنية بمنحها امتيازات، مع الإصرار على إقرار موازنة لثلاث سنوات لضمان استمرارية المشاريع التي قد تعود عليه بفوائد انتخابية وسياسية.

رغم ذلك، يستبعد هذا المسؤول حصول السوداني على ولاية ثانية، مؤكداً أن المنافسة مع نوري المالكي ومحمد الحلبوسي، في بغداد تحديداً، ستحدّ من مكاسب السوداني الانتخابية، حتى وإن نجح في انتزاع جزء من أصوات الشيعة.

من جانبه، يرى الباحث السياسي إحسان الشمري أن تحركات السوداني تضعه في مواجهة مباشرة مع “الإطار التنسيقي”، إذ بات واضحاً أنه ينافسهم على القاعدة الانتخابية الشيعية نفسها.

لكنه يعتبر في الوقت ذاته أن السوداني يسعى لتشكيل مسار سياسي جديد، متحرراً من تبعية الإطار، مستهدفاً ثقلاً سياسياً أوسع عبر التحالف الجديد، مما قد يمنحه مساحة أوسع للمفاوضات على الولاية الثانية إن حصل على عدد مقاعد مؤثر في البرلمان المقبل.

في المحصلة، يبدو أن السوداني يدخل معركة انتخابية مبكرة مع أقرب حلفائه، مستغلاً خطاب التنمية ووعود الإعمار في مواجهة القوى التقليدية، في مشهد يعكس تشظي الساحة الشيعية في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات.

Exit mobile version