مرصد مينا – هيئة التحرير
أعلنت قوى مدنية في السودان عن ولادة “حلف سياسي جديد” من رحم تجمع “الحرية والتغيير”، وضم التشكيل الجديد ثلاثة مكونات هي “المجلس المركزي للحرية والتغيير، حزب الأمة القومي، الجبهة الثورية”، ليكون بداية لتجاوز أزمات المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى الشعب عبر التداول السلمي للسلطة.
ولادة الحلف السياسي تمت بالتوافق مع المكونات العسكرية التي تشارك في حكم المجلس السيادي -أعلى سلطة في البلاد حالياً- وجاءت بعد المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” لإصلاح القوى السياسية والقطاع الأمني والعسكري”.
ولادة جديدة..
ويشهد السودان منذ أغسطس/ آب من العام 2019، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يقودها المجلس السيادي الذي يتألف من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.
بيان التحالف الجديد أكد أن “الحلف ضرورة لوحدة قوى إعلان الحرية والتغيير في بداية جديدة تستهدف سد النواقص والأخطاء التي صاحبت الفترة الأولى، وتوفير السند الشعبي لحكومة ثورة ديسمبر وفق قيادة وأولويات واضحة”، لافتاً إلى أنه “استجابة لمبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الرامية لتوحيد مكونات الانتقال، فإن كلاً من المجلس المركزي للحرية والتغيير، وحزب الأمة القومي، والجبهة الثورية السودانية، أعلنوا وحدتهم الكاملة”.
وكان رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” قد قدم الشهر الماضي مبادرة لإصلاح القوى السياسية وإصلاح القطاع الأمني والعسكري وتوحيد الجيش والسياسة الخارجية، مؤكداً أن “البلاد تشهد واقعاً معقداً وأزمة وطنية شاملة، وكانت تلك آخر المبادرات فسبقتها مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم، ومبادرات العقد الاجتماعي وإصلاح القوى السياسية التي قدمها الإمام الصادق المهدي وغيرها”.
كما يتفرع من الحلف الجديد 3 هياكل، تبدأ بـ”الهيئة العامة” التي تعتبر “أوسع إطار تنظيمي لتمثيل كافة قوى الثورة في المدينة والريف”، والمجلس المركزي، وهو الذي يقوم بواجبات القيادة وتنفيذ استراتيجية الهيئة العامة، والمجلس القيادي، وكذلك العمل اليومي وفق ما يحدده المجلس المركزي من برامج وخطط وأهداف.
وأوضح الناطق باسم مجلس الاتحاد السوداني العالمي، “خضر عطا المنان”، أن “الاتفاق الذي تم بين المكونات الثلاثة، رغم أنه جاء في ظروف معقدة جدا تمر بها البلاد، لكن ليست هناك ضمانة لاستمرار مثل هذا الاتفاق”، لافتاً إلى أن “الكثير من الاتفاقيات والتفاهمات حدثت ومع مرور الأيام، تمر تلك الاتفاقيات بحالة من الضعف وتسير في اتجاهات بخلاف المقرر لها في الأساس، وأعتقد أن هذا التحالف يمثل عودة للحاضنة السياسية للسلطة الانتقالية والتي تمثلها قوى الحرية والتغيير، ويمثل دعما قويا لمبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والتي حركت المياه الراكدة”.
تناقض وإعادة تدوير..
قال المتحدث السابق باسم الرئاسة السودانية “أبي عزالدين”، أن “الخلافات لم تنقطع بين الأجسام الشريكة في الحكم منذ توليها السلطة عقب 11 أبريل/نيسان، بل ظل التشاكس والكيد بينها شعارا لعملها المعارض، ولم يجمع هذه المكونات عامل مشترك سوى إزاحة منافسيهم الأقوياء للجلوس على كراسيهم، ولذلك يظهر الخلاف والتناقض بين هذه المكونات جليا الآن للناس.
إلى جانب ذلك، أوضح “عز الدين” لوسائل الاعلام أن “الدخول والخروج المتكرر لهذه الأجسام ليس أكثر من تكتيك يقومون به جميعا لامتصاص غضب الشارع، و البقاء على كراسيهم أطول فترة ممكنة قبل الانتخابات”، موضحاً أن “خلافات حزب الأمة القومي ممتدة مع المجموعة السياسية الحاكمة، بسبب تسلط التيار الشيوعي والليبرالي دون تفويض شعبي، اذ يراهن حزب الأمة القومي على وزنه الجماهيري الذي يفوق ما لدى جميع الأحزاب اليسارية والنيوليبرالية المسيطرة على الحكم، وهذا أحد أبرز نقاط خلافه مع قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الشيوعيين، ويشبهه في هذا الوضع كذلك الحزب الاتحادي الديمقراطي، صاحب الجماهير العريضة”.
يشار إلى أن حزب الأمة القومي تأسس في فبراير من العام 1945، ويعتبر من أوائل الأحزاب السياسية في السودان، ويرأسه حاليا فضل الله ناصر، خلفا للراحل الصادق المهدي.
ولفت “عز الدين” إلى أن “الاتفاق الصالوني بين بعض المكونات يريد قطع الطريق على المؤتمر التأسيسي لبقية قوى الحرية والتغيير، الامر الذي ينذر بالمزيد من التصدع في النسيج السياسي للحكومة، وإطالة الفترة الانتقالية ستكون وبالا على المكونات الحزبية للحرية والتغيير، وتزيد من تعريتهم أمام الرأي العام”، مؤكداً أنه “لا يبدو أن هناك طوق نجاة للوضع غير المستقر في السودان سوى بالتحول الديمقراطي الحقيقي، وإقامة الانتخابات الحرة والنزيهة فورا، فهي ستحسم الجدل حول أوزان كل حزب وحركة في الساحة”.
الجيش ومبادرة الحل..
رغم أن قضية الجيش الموحد تعترضها كثير من العقبات والتحديات، ومنها دمج الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع، أعلن الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، النائب الأول لرئيس المجلس الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع في السودان أمس الأحد، موقفه من المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” الشهر الماضي، لحل الازمة الاقتصادية والتحول الديمقراطي في البلاد.
وقال “حميدتي” عبر “فيسبوك” بعد نحو 20 يوما على طرح حمدوك مبادرته”: “نرحب بالمبادرة وندعو الجميع إلى الالتفاف حولها، مشيرا إلى أن “هناك الكثير من المبادرات الأخرى التي طرحتها جهات مختلفة وتصب جميعها في اتجاه وضع المعالجات الكلية للأزمة السودانية”.
كما دعا المسؤول السوداني إلى توحيد كل هذه المبادرات في مبادرة واحدة فقط بهدف تحقيق التوافق الوطني الشمال بين جميع السودانيين دون إقصاء لأحد” معتبراً أنه “المخرج الوحيد لتحقيق أهداف ومتطلبات الثورة وصولاً إلى ديمقراطية حقيقية عبر صندوق الانتخابات”.
وفي 22 يونيو/حزيران الماضي وبعد اجتماع متواصل للحكومة السودانية استمر 3 أيام، أعلن حمدوك مبادرة مجلس الوزراء بهدف حل الأزمات الاقتصادية والسياسية في السودان، وتشمل المبادرة توحيد المؤسسة العسكرية وتوحيد مراكز اتخاذ القرار، إضافة إلى تكوين المجلس التشريعي في عضون شهر واحد لتحصين المرحلة الانتقالية ودعم التشريعات والقوانيين التي يتم إصدارها.
يشار إلى أن قائد قوات الدعم السريع في السودان، حذر في وقت سابق أن دمج قواته في الجيش السوداني قد تفكيك البلاد، لافتاً إلى أن “الدعم السريع مكون بقانون مُجاز من برلمان منتخب، وهو ليس كتيبة أو سرية حتى يضموها للجيش، إنه قوة كبيرة”.
ويرى المراقبون أن المكون العسكري هو حليف في تشكيل المجلس السيادي، وتوحيد القوى العسكرية وتشكيل جيش موحد منصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وهي مسألة ضرورية وهامة.
يذكر أن تقارير إعلامية لفتت إلى أن حدة التوتر بين قادة المكون العسكري تصاعدت بعد أن رفعت قوات الدعم السريع وتيرة استعدادها القتالي داخل العاصمة في جميع معسكراتها الفرعية، كما أثار “حميدتي” حفيظة رئيس المجلس الرئاسي عبد الفتاح البرهان، حين عقد اجتماعا لمجلس السيادة أثناء مشاركة الأخير في مؤتمر باريس، وهو الاجتماع الذي قُرر فيه قبول استقالة النائب العام وإقالة رئيس القضاء”.