تحركات عسكرية في طرابلس تُفاقم الانقسام الأمني في ليبيا وسط مخاوف من “حرب وشيكة”

مرصد مينا

أعادت التحركات العسكرية في مناطق مختلفة من العاصمة الليبية طرابلس إلى السطح المخاوف من تصاعد الانقسام الأمني وهيمنة الميليشيات، في وقت يعاني فيه الوضع السياسي من الجمود وتبادل الاتهامات بين مؤسسات الدولة، مما يعوق تقدم المسار الانتخابي الذي لا يزال في مكانه منذ سنوات.

وتبادلت الميليشيات المسلحة في غرب ليبيا الاتهامات بجرّ البلاد إلى”حرب أهلية وشيكة”، وسط صمت من حكومة “الوحدة” المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فيما استمرت التحشيدات العسكرية من مدينة مصراتة باتجاه العاصمة طرابلس.

وفي ظل تطلعات الشعب الليبي إلى دولة مستقرة وموحدة، تظهر بوادر تصعيد ميداني جديد، حيث يرى مراقبون أن هذه التحركات العسكرية تعكس حالة الغليان التي تزامنت مع حالة الجمود السياسي وتهالك سلطة الدولة، وهو ما استغلته التشكيلات المسلحة لتعزيز مواقعها في الساحة السياسية.

يقول المحلل السياسي عبدالله الديباني أن الحشود العسكرية في طرابلس تعكس واقعاً هشاً في البلاد في غياب قيادة موحدة قادرة على ضبط الوضع الأمني.

أضاف أن الخطر لا يكمن فقط في هذه التحركات العسكرية، بل في هشاشة الوضع السياسي الذي قد يتحول فيه أي احتكاك محدود إلى نزاع مفتوح، بسبب الانقسام الواسع في مراكز القرار الأمني والسياسي.

كما أشار الديباني إلى أن الجماعات المسلحة، رغم عدم تخطيطها لمواجهة شاملة، تستخدم هذه التحركات لاستعراض قوتها وإرسال رسائل سياسية للأطراف الداخلية والخارجية.

وأكد أن هذا الوضع يعرض فرص إجراء الانتخابات للخطر وقد يؤدي إلى تأجيلها لفترة غير محددة.

وتعتبر الميليشيات في غرب ليبيا من أكبر التحديات التي تعيق الاستقرار في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في 2011.

فمنذ نشأتها بغرض إسقاط النظام، تحولت إلى قوى فاعلة تسعى للسيطرة على المناطق الاستراتيجية والموارد، مما خلق صراعات مستمرة وأدى إلى تقويض سلطة الدولة.

وتُعد ميليشيا “جهاز دعم الاستقرار” أحد أبرز الفاعلين في العاصمة، حيث تمتلك طائرات مسيرة وتدير سجوناً سرية، بينما يُعد “جهاز الردع” أحد أبرز منافسيها، إذ يسيطر على مرافق حساسة مثل سجن “داعش”.

من جهة أخرى، تتمتع مدينة مصراتة، التي تُلقب بـ “ترسانة الغرب”، بوجود أكثر من 20 ألف مسلح وفصائل مسلحة متعددة تمتلك طائرات ودبابات.

وتستمر هذه الميليشيات في التنافس على النفوذ والموارد، مما يؤدي إلى اشتباكات متكررة تهدد الأمن والاستقرار. كما يُتهم العديد منها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتعذيب.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات من مصراتة تحركاتها نحو طرابلس، تبادلت هذه الجماعات الاتهامات بشأن مسؤولية تصعيد الأوضاع إلى حرب أهلية. فقد اتهمت “قوة حماية طرابلس” مجموعة من قادة الميليشيات، بما في ذلك الموالين لحكومة “الوحدة”، بمحاولة إشعال حرب عبثية لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب دماء الأبرياء.

على جانب آخر، رفض قادة كتائب في مصراتة هذه التحركات العسكرية، معتبرين إياها “محاولة لجر البلاد إلى حرب أهلية لا تصب في مصلحة الشعب الليبي”.

تتوالى الدعوات لتفعيل حوار شامل ينهي حالة الانقسام ويضع الأسس لتوحيد المؤسسات الوطنية وتنظيم الانتخابات، مع تحذيرات من أن الوضع الراهن قد يفتح الباب لتدخلات خارجية تهدد الأمن الوطني.

في هذا السياق، عبر 30 ممثلاً عن الأحزاب السياسية الليبية عن قلقهم إزاء استمرار الجمود السياسي، مؤكدين خلال لقائهم المبعوثة الأممية إلى ليبيا هانا تيتيه، ضرورة تسريع العملية السياسية وتوحيد مؤسسات الدولة لضمان إجراء الانتخابات.

من جانبها، أكدت البعثة الأممية التزامها بالتعاون مع جميع الأطراف الليبية، مشددة على ضرورة التوافق الوطني ودور الأحزاب السياسية في دفع عجلة التغيير على مختلف المستويات.

Exit mobile version