في أول تحرك للمنظومة الدينية الشيعية في العراق على الاحتجاجات التي تضرب البلاد الذي أكلته إيران ويأكله الفساد، حث الزعيم الأعلى لشيعة العراق “علي السيستاني” اليوم الجمعة، قوات الأمن والمحتجين على عدم استخدام القوة، وانتقد زعماء العراق لتقاعسهم عن القضاء على الفساد وخص باللوم نواب البرلمان، في حين استقبلت تلك التصريحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بتصنيفها ضمن خانة الورقة الإيرانية للانغماس بين المتظاهرين، وامتصاص غضبهم، قبل الانتقال إلى مرحلة صدهم وتحويل مطالبهم إلى مستنقع من المخاطر والحروب.
“السيستاني”، قال في خطبة الجمعة التي ألقاها نيابة عنه ممثله “أحمد الصافي” في مدينة كربلاء: “الاضطرابات ;خلّفت عشرات الضحايا وأعدادا كبيرة من الجرحى والمصابين والكثير من الأضرار على المؤسسات الحكومية وغيرها، في مشاهد مؤلمة ومؤسفة جداً”.
وأضاف ممثل السيستاني: “الحكومة والقوى السياسية لم تستجب لمطالب الشعب في مكافحة الفساد أو تحقق أي شيء على أرض الواقع”.
وتابع “الصافي”: ” مجلس النواب بما له من صلاحيات تشريعية ورقابية يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا المجال”.
تدخل سريع!
وتأتي كلمة السيستاني بعد أربعة أيام من الغضب العراقي الذي أدى بالشباب العراقي إلى النزول إلى الساحات احتجاجاً على الفساد الحكومي وعلى التدخل الإيراني في سيادة العراق، وانطلقت الاحتجاجات التي بدأت يوم الاثنين من وسط العاصمة بغداد وامتدت إلى بقية المحافظات والمدن العراقية باستثناء إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي.
وكان رئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” قال في كلمة متلفزة خاطب فيها الشعب العراقي مساء أمس الخميس: “صوتكم مسموع قبل أن تتظاهروا، ومطالبكم بمحاربة الفساد والإصلاح الشامل هي مطالب محقة لقد تم تشكيل لجان من أجل إطلاق سراح المحتجزين من المتظاهرين واعتبار ضحايا المظاهرات شهداء”.
وتابع عبد المهدي في كلمته الموجهة إلى الشعب العراقي: “نحن متمسكون بالدستور وعلينا إصلاح المنظومة السياسية ونتحمل مسؤولية قيادة الدولة في هذه المرحلة الحساسة”، مشيراً إلى عدم وجود ما وصفه بـ “حل سحري” لمشكلات الحكم واستغلال السلطة المزمنة في العراق، متعهداً بمحاولة إقرار قانون يمنح الأسر الفقيرة راتباً أساسياً.
وفي هذا الخصوص قال “عبد المهدي” للعراقيين: ” لدينا مشروع سنقدمه إلى مجلس النواب خلال الفترة القصيرة لمنح راتب لكل عائلة لا تمتلك دخلاً كافياً بحيث يوفر حداً أدنى للدخل يضمن لكل عائلة عراقية العيش بكرامة”.
ويشهد العراق اليوم موجة من الاحتجاجات امتدت لمناطق عدة سقط إثرها أكثر من 25 قتيل، برصاص أجهزة الأمن العراقية، وتسببت تدخلات إيران في مفاصل الدولة العراقية وقراراتها السيادية، إلى انتفاضة الشارع العراقي الذي يعاني فساد حكومته المرتهنة لإيران.
تحريك المنظومة الدينية
مراقبون للشأن العراقي، اعتقدوا من جانبهم، أن تحرك المنظومة الدينية الموالية لإيران في العراق، هدفه اللعب على الأوتار المتضاربة، وإظهار صورة المتعاطف مع المتظاهرين، وأن تحركها هدفه اللعب على عامل الوقت، ريثما يتم التحضير للمرحلة الثانية من امتصاص صدمة المظاهرات، ومن ثم التوجه نحو ضبطها جغرافياً.
فيما استبعد المراقبون، نجاح إيران، ومن خلفها المنظومة الدينية هذه المرة في إسكات صوت العراقيين، وعللوا ذلك، بمدى الاحتقان المحلي بين ابناء الشعب العراقي والمزروع من قبل نظام طهران، الأمر الذي لا يخفي إمكانية الانحدار نحو عودة حرب أهلية طائفية، قد تعززها إيران بشكل قوي، على اعتبار أن الفوضى، هي المدخل الذي سيجعل ميليشياتها تتحرك بحرية أكثر لقمع المتظاهرين العراقيين.
الصدر يعلق
من جانبه، دعا رجل الدين العراقي “مقتدى الصدر” نوابه لتعليق عملهم بالبرلمان العراقي، تعبيراً عن دعمه للحراك الشعبي والمظاهرات التي عمت العديد من المدن العراقية، والتي شهدت حتى الآن مقتل 31 شخصاً على الأقل وإصابة واعتقال العشرات.
إلى جانب ذلك، دعا زعيم التيار الصدري إلى صدور برنامج وزاري يرضي الشعب و”المرجعية الشيعية العليا” في العراق.
وكانت انطلقت الشرارة الأولى للمظاهرات الدامية في العراق يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة بغداد حينها سقط أول قتيل، بينما خرجت بعض المظاهرات في عدة محافظات بمختلف البلاد احتجاجا على انتشار البطالة والفساد وضعف الخدمات العامة.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي