
مرصد مينا
ارتفع عدد قتلى الانفجار الذي هزّ ميناء رجائي في مدينة بندر عباس جنوب إيران صباح يوم السبت الماضي إلى ما لا يقل عن 65 شخصاً، بحسب ما أعلنت السلطات الإيرانية، في وقت تتواصل فيه التحقيقات وسط حالة من الغموض والقلق المتصاعدين.
التحقيقات الأولية التي أُجريت في موقع الحادث كشفت عن وجود مواد خطرة داخل بعض الحاويات، وهو ما يعزز فرضيات وجود تقصير أو تهديد أمني محتمل.
وفي ظل غياب توضيحات رسمية شاملة، بدأت تتزايد التكهنات حول احتمال أن يكون الانفجار نتيجة لعمل تخريبي.
وفي هذا السياق، صرح النائب في البرلمان الإيراني وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، محمد مهدي شهرياري، لموقع “رويداد24” الناطق بالفارسية، اليوم الثلاثاء، بأن الانفجار قد يكون ناجماً عن استخدام طائرات مسيّرة صغيرة أو نتيجة لتسلل عناصر معادية إلى داخل المنشأة.
وأضاف أن أحد السيناريوهات الأساسية التي يناقشها المحققون هو بالفعل وقوع عمل تخريبي، مطالباً لجنة الأمن القومي بالتعامل مع هذه الفرضية بكل جدية.
وأوضح شهرياري أن المعطيات المتوفرة حتى اللحظة غير مكتملة، مشيراً إلى أنه لا يمكن إصدار حكم نهائي قبل انتهاء التحقيقات، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة عدم استبعاد أي احتمال، سواء كان مرتبطاً بإهمال فني أو عملية مدبرة.
وانتقد النائب الإيراني ضعف الالتزام العام بإجراءات السلامة في البلاد، معتبراً أن ما حدث يُشبه من حيث الإهمال حريق برج بلاسكو في طهران.
وقال: “مع الأسف، لا نطبّق معايير السلامة في معظم الأماكن، ولهذا السبب نشهد عدداً مرتفعاً من الحوادث التي لا تحدث بهذا الشكل في دول أخرى”.
وأضاف شهرياري أن من الضروري إبلاغ الشعب في حال ثبت أن الحادث ناتج عن عمل تخريبي، مشيراً إلى أن المواد القابلة للاشتعال لا تقتصر على ميناء بندر عباس، بل تنتشر في مواقع متعددة داخل إيران، مما يستدعي رفع مستوى الوعي الأمني بشكل عاجل.
كما لمّح إلى أن الحادث قد يكون مرتبطاً بالمفاوضات الجارية حالياً بين إيران والولايات المتحدة، مشيراً إلى إمكانية وجود أطراف ترغب في إفشال هذه المحادثات، سواء من الداخل أو الخارج.
وفي هذا السياق، لم يستبعد شهرياري احتمال تورط إسرائيل، معتبراً أن “الإسرائيليين لا يتوانون عن تنفيذ أعمال من هذا النوع لتعطيل المسار الدبلوماسي”.
وأشار أيضاً إلى أن عدداً من النواب في البرلمان الإيراني طالبوا بعقد جلسة مغلقة لمناقشة آخر تطورات الحادث وكذلك مجريات الجولة الجديدة من المفاوضات مع الولايات المتحدة، والتي وصفها بـ”المأساوية” من حيث تأثيرها ونتائجها.
يُذكر أن الانفجار تزامن مع تسريبات تفيد بوصول مواد كيميائية تُستخدم في تصنيع الوقود الصلب الخاص بالصواريخ الباليستية إلى الميناء، وهو ما نفته السلطات الإيرانية، لكنها لم تقدم تفسيراً واضحاً لمصدر الطاقة الذي أدى إلى هذا الدمار الكبير.
تأتي هذه التطورات في ظل جولة ثالثة من المباحثات التي عُقدت السبت الماضي بين إيران والولايات المتحدة بوساطة عمانية، والتي وصفتها واشنطن بأنها كانت “إيجابية وبنّاءة”.
من جهته، أشار المفاوض الإيراني عباس عراقجي إلى تحقيق تقدم نسبي في تضييق الفجوات بين الطرفين، في انتظار عقد الجولة الرابعة الأسبوع المقبل.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير 2025، أعاد إحياء سياسة “الضغوط القصوى” تجاه إيران، من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية.
وفي مارس الماضي، وجه رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي عرض فيها العودة إلى طاولة التفاوض، لكنه لوّح في الوقت ذاته بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي.