تحييد “صراف عائلة الأسد”.. وتمهيد الطريق لنجل “أسماء الأسد”

مرصد مينا

سلطت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية الضوء على تفاعلات الازمة الحاصلة بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف المعروف بـ “صراف عائلة الأسد”.

القصة كما تراها الصحيفة بدأت بالشائعات بشأن الحملة ضد مخلوف العام الماضي، إثر نشوب خلاف بشأن امتناعه عن رد ملايين اقترضها إلى الأسد بينما يتباهى بثروته في الخارج، فيما سجل شهر كانون الأول الماضي تجميد وزير المالية أصول مخلوف بدعوى ما قيل إنه رسوم جمارك لم تسدد.

نفى مخلوف أي صلة بذلك وسرعان ما بدأت الرئاسة هي الأخرى بالسيطرة على جمعية البستان التابعة لمخلوف، وهي منظمة خيرية ومليشيا لطالما استخدمها على أنها إقطاعيته الخاصة. السلطات المصرية بدورها، كما تقول الصحيفة، داهمت الشهر الماضي سفينة شحن من سوريا كانت تحمل فيما يبدو علب من الحليب من شركة مملوكة لمخلوف. سرعان ما كشف أنها محشوة بمخدرات الحشيش. وعلى الرغم من نفي مخلوف أي تورط، إلا أن هذا أعطى انطباعا لا يُمحى عن أن مخلوف يحاول إثراء نفسه من خلال طرق غير تقليدية.

تنقل الصحيفة عن الدبلوماسي السوري السابق “بسام بربندي” الذي انشق عن النظام في عام 2012 ويعيش حاليا في واشنطن قوله: “أعتقد أنهم ببساطة يرغبون في وجه جديد؛ لأن رامي أصبح يمثلا صداعا بالنسبة لهم”.

يضيف “بربندي”: “أردوا أن يظهروا للجميع بالقوة أنه لا يمكن لأحد أن يتحداهم؛ فعندما كنا في المدرسة الثانوية، كان كل واحد منا يرغب في شراء سيارة إلا أنه لا يمكنك شراء سيارة أفضل من سيارة مخلوف حتى لو كنت قادرا على شرائها، المساس بهم لم يكن ممكنا”.

الصيحيفة البريطانية تروي قصة مفادها أن مخلوف أرسل في أحد المرات حراسه لضرب ابن وزير الخارجية لفوزه عليه في سباق للسيارات. احتمى الابن بمكتب أبيه، حيث تنحى الحراس جانبا تاركين رجال مخلوف يعتدون عليه.

ومع تقدم رامي بالعمربدأ في جمع المال والسلطة من حوله، وكان أول ظهور كبير له عندما فتح سلسلة متاجر معفاة من الرسوم الجمركية على الحدود اللبنانية ما سمح للطبقة الغنية في دمشق أن تقود سيارتها للتزود بالشمبانيا وكبد الإوز دون الاضطرار إلى الذهاب إلى بيروت وتهريب البضائع في مؤخرة سياراتهم.

يقول أستاذ التاريخ والأنثروبولوجيا في جامعة “شواني ستيت” بولاية أوهايو الأمريكية ومسؤول الآثار السابق في سوريا، عمرو العظم: “كان هذا عندما بدأنا نسمع للمرة الأولى عن رامي، ومع سنوات الألفية الجديدة أصبح -حرفيًا- المصدر الرئيسي للقوة الاقتصادية في البلاد”، وبعد استحواذ مخلوف على شركة سيريتل، تحول مخلوف، وفق وزارة الخزانة الأمريكية، إلى بقرة حلوب. ومع إدارة مخلوف للاقتصاد بالنيابة عن الرئيس، أصبح من المستحيل تقريبًا أن يُمارس نشاط دون موافقته.

إلا أن التوترات بين أقوى عائلين في سوريا تستعر منذ فترة طويلة حتى قبل الحرب، ويتحدث المجتمع الدمشقي خفية عن العداوة المستعرة بين السيدة الأولى أسماء الأسد، البريطانية التي ترتدي أحذية كريستيان لوبوتان الفاخرة، وعائلة مخلوف، ويتكهن مقربون سابقون أن العداوة الشخصية لا تزال متعمقة.

ومع انطلاق الثورة السورية في عام 2011، تحول المزاج العام ضد مخلوف، الذي كان يمثل اسمه مرادفا للفساد الباذخ الذي دفع المتظاهرين للخروج للشوارع، وأضرمت النار في مقرات شركة سيرتيل.

ووفقا لمقابلات في ذلك الوقت، كان يبدو أن مخلوف يعتقد حقا -أو يرغب في أن ينظر إليها على أنه يعتقد- أن المعارضة ليست سوى حشد من متعاطي المخدرات وعملاء الموساد الإسرائيلي الراغبين في تدمير النظام.

ومع هذا، في يونيو/حزيران 2011 عقد مؤتمرا صحفيا غريبا إذ أعلن تقاعده عن ممارسة الأعمال الاقتصادية فيما يبدو أنه تضحية من النظام لتهدئة مطالب المتظاهرين.

إلا أن مخلوف ظل على الساحة، ومع احتدام القتال، وسّع مؤسسته الخيرية البستان لتضم مليشيا، قدرت في فترة بأنها تقود 20 ألف شخص، وكانت واحدة من أهم مكونات القوى القتالية للنظام.

ومع ترنح عائلة مخلوف، ظهر في الأفق آخرون، وحظيت بالنفوذ عائلة الدباغ، المقربة من “أسماء الأسد” زوجة بشار، كما حظي أيضا بالنفوذ رجال أعمال بارزين مثل سامر فوز، الذي كون ثروة من الحرب.

ومع أن أسباب صعود هؤلاء معقدة إلا أن محللين يقولون إن حقيقة أن هؤلاء الصاعدين من السنة، على النقيض من المخلوف الذي ينتمي للطائفة الرئيس العلوية، ربما يضطلع بدور في تفضيلهم حيث يسعى الأسد لتعزيز قاعدة دعمه.

على المدى الطويل، تقول مصادر عدة إن الأسد سيسعى لإفساح الطريق من أي شخص ربما يمثل عائقا محتملا لخلافة ابنه حافظ للقيادة.، وعلى الرغم من أن حافظ بشار لا يزال في الثامنة عشر من العمر، ويحق له الحصول على الجنسية البريطانية مثل والدته، يتم تقديمه على أنه الوجه الجديد للنظام.

يقول عمرو العظم في هذا السياق إنه “يجري دفع حافظ بنفس الطريقة السخيفة التي دفع بها بشار، وأنه سيصبح “أكثر لطفا”، مضيفا ” إذا استطاع بشار الصمود لفترة كافية ليستعد ابنه لتولي الحكم، فيمكنهم الانتقال إلى صفحة جديدة، وسيكون لديه الفرصة ليقول أنا لست كأبي أنا لم أتورط في القتل ومن ثم سيتزوج من امرأة لطيفة مثل أسماء ويفتح الباب أمام إعادة تأهيل محتملة”.

في الوقت نفسه، لم يتضح إلى أي مدى سيمضي الأسد للقضاء على سلطة مخلوف. أحد الخيارات سيكون نفيه، عاكسا بذلك مصير رفعت الأسد، عم الرئيس الحالي، الذي عوقب في عام 1984 بعد محاولة انقلاب فاشلة. 

Exit mobile version