بات واضحًا أن سفينة “أردوغان” غارقة، وفي العادة عندما تغرق السفينة يفرّ الجرذان منها، غير أن ما يحدث في حزب العدالة والتنمية، أن من يغادر سفينة أردوغان هم قباطنة السفينة وليس جرذانها، فـ “علي باجان”، لابد وأنه أحد ركائز حزب العدالة والتنمية وواحد من أعمدته.
على باجان، وهو رفيق اردوغان وأحد اهم العقول التي اوصلت أردوغان لما هو فيه يعلن استقالته من حزب أردوغان، وإعلان استقالته، ليس مجرد إعلان.. هو في حقيقة الحال، رسم للصورة التي آل إليها الرئيس التركي والتي أودت بحزبه إلى هزيمة شنعاء في انتخابات استنبول، والتي ستتظهّر لاحقًا في مستقبل الرئيس (السلطان)، ولنقرأ مقاطع مما جاء في بيان الاستقالة:
لقد دافعت عن مبادئ وقيم الحزب خلال هذه الفترة، سواء على المستوى المحلي في تركيا أو على مستوى العالم. كان شرفًا كبيرًا لي أن أكون بنفسي جزءًا من الكفاح الكبير الذي خاضت فيه بلادنا وهي تمر بمنعطفات تاريخية.
ولكن وقعت فروق عميقة بين الإجراءات التي مورست في العديد من المجالات خلال السنوات الأخيرة والمبادئ والمعايير والأفكار التي أدافع عنها، وبتُّ أعيش حالة من الفصام العقلي والوجداني مع تلك الممارسات.
وفي الفترة نفسها تعرضت تركيا لاختبارات جديدة. تغير العالم من حولها سريعًا. لدينا جيل جديد، حيوي، ولديه آمال وطموحات مختلفة تمامًا، وينتظر مستقبلا مشرقًا.
في ظل الظروف التي نمر بها حاليًا، نحتاج إلى رؤية مستقبلية جديدة كليًا لتركيا. ينبغي طرح تحليلات صحيحة واستراتيجيات جديدة كليًا وخطط وبرامج في جميع المجالات من أجل هذا البلد. والاستشارات التي أجريناها مع القطاعات المختلفة أكدت ضرورة ذلك أيضًا.
أصبح لا مفر من بدء خطوات وتحركات جديدة من أجل حاضر ومستقبل تركيا. أنا والكثير من أصدقائي نشعر بمسؤولية كبيرة وتاريخية في هذا المضمار. وقد فرحنا للغاية بالتعرف على عدد كبير من الأشخاص الذين يشعرون بالمسؤولية المجتمعية والأخلاقية ذاتها في هذه المرحلة.
أثق أن حل المشكلات التي نواجهها ممكن من خلال فريق عمل كبير ذو قوة تمثيل كبيرة. علينا أن نعمل معًا وأن نحقّق هدف تفعيل العقل المشترك. تحركاتنا تحمل أهمية كبيرة نظرًا لأنها تجري باستقلالية وحرية. يجب فتح صفحة بيضاء في كل الأمور.
في ضوء ذلك، لم يعد بإمكاني للأسف الاستمرار في عضويتي التأسيسة لحزب العدالة والتنمية. وقد قدمت استقالتي اليوم إلى المقر الرئيسي للحزب.
هدفنا جميعًا هو رفعة اعتبار بلدنا، وزيادة رفاهية الشعب وسعادته، وإيصال تركيا إلى المستقبل الجميل الذي تستحقه. حقوق الإنسان، والحريات، والديمقراطية المتقدمة، وسيادة القانون هي مبادئنا التي لا يمكن الاستغناء عنها. فقد عملت بكل ما أوتيت من قوة من أجل تحقيق ذلك، منذ اليوم الأول لدخولي السياسة. وسأستمر في هذا بعد ذلك طالما أمد الله في عمري وصحتي.
في بيان استقالته الهادئ، يطالب باجان بـ “المفقود” من السياسة الأردوغانية، والمفقود هنا لابد وأنه “إيصال تركيا إلى المستقبل الجميل الذي تستحقه: حقوق الإنسان، والحريات، والديمقراطية المتقدمة، وسيادة القانون”.
هذا واحد من أول الغيث، فماذا عن نهايات الغيث؟
يقول لنا صحفي تركي مخضرم يعمل في صحيفة زمان التركية:”سيأتي يوم يجد فيه أردوغان نفسه وحيدًا، كل ما لديه أن يكتب مذكراته، مذكرات لاتخلو من سرد وقائع لم تحدث”، ويضيف الصحفي التركي:”مأساة أردوغان كما مأساة الديناصور.. صغر رأسه وتورم جسده فانقرض”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.