ترجمة مينا: الموت في العراق يدحض أجندة ترامب حول الحرية الدينية

كانت العراق، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست، أرضًا غريبة جدًا عليه، حتى إنه قال اسمها باللهجة الأمريكية الفظة – “إيراك”. لم يزرها منذ ولادته، وهو ابن لأبوين مسيحيين عراقيين في مخيم للاجئين في اليونان، لم يكن يعرف أحداً هناك ولم يتحدث اللغة العربية؛ ورغم ذلك، فقد مات جيمي الداود في شوارع بغداد.

ويقول تقرير واشنطن بوست، ترجمه مرصد مينا، تم ترحيل ساكن ديترويت في الولايات المتحدة قبل بضعة أشهر؛ مرتبكًا ومريضًا بالسكري ويزعم أنه غير مستقر عقليًا، عاش يائساً بلا مأوى حتى تلقت أسرته خبر وفاته هذا الأسبوع. إنهم يعتقدون أنه توفي بسبب عدم قدرته على الحصول على الأنسولين، أظهر شريط فيديو غير مؤرخ نشره محاموه على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأربعاء أن الداود البالغ من العمر 41 عامًا شعر بالهلع والرعب إثر ترحيله.

قال الداود “لا أفهم اللغة العربية، أنا نائم في الشارع، ومصاب بالسكري، وآخذ جرعات الأنسولين، أذهب، أذهب محاولاً أن أجد شيئاً آكله، ليس لدي شيء فيما وراء هنا”.

وفقًا لمناصريه، كان “الداود” ضحية لإدارة ترامب القاسية، ووكالة الهجرة والجمارك التابعة لها. رغم أنه لم يكن مواطناً أمريكياً، فقد أمضى كل حياته تقريبًا في الولايات المتحدة. كما ذكرت Politico أول مرة، جاء ترحيله على خلفية سلسلة من الإدانات الجنائية، والتي تجعل غير المواطنين عرضة للترحيل من البلاد، نسبت عائلته سجله الجنائي جزئيًا إلى صحته العقلية، ودافعت عنه جماعات حقوق الإنسان بأنه لم يكن يجب إرساله إلى بلد لا يكون آمنًا فيه.

وقالت “ميريام أوكرمان” المحامية في اتحاد الحريات المدنية الأمريكية في ميتشيغن في بيان له “لقد دمرت وفاة جيمي عائلته ودمرتنا كذلك”، كنا نعلم أنه لن ينجو إذا تم ترحيله، ما لا نعرفه هو عدد الأشخاص الذين سترسلهم إدارة الهجرة والجمارك إلى حتفهم”.

أخبر “إدوارد باجوكا” – محامي الهجرة في ديترويت وصديق لعائلة الداود- صحيفة واشنطن بوست: “هذا فشل كامل لنظام الهجرة، كان ينبغي حماية هذا الرجل في مكان ما خلال طريقه”.

المفارقة المأساوية في قصة “الداود”، هي أنه جاء من مجتمع بطل كما تدعي إدارة ترامب. خلال

حملته الانتخابية، أدان الرئيس ترامب أسلافه لعدم تقديم ما يكفي لحماية الأقليات الدينية في الشرق الأوسط من ويلات الجهاديين والحكومات العربية المهملة لحقوقهم، تحدث ترامب مرارًا وتكرارًا عن محنة مجتمع الداود، إلى جانب نائب الرئيس بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو، وعن محنة الكلدانيين العراقيين، والطوائف الدينية الأخرى مثل الإيزيديين الذين عاشوا قرونًا فيما هو الآن سورية والعراق.

تعرض وجودهم الطويل في هذه الأراضي أولاً للتهديد جراء الخراب الذي جلبه الغزو الأمريكي للعراق. ازدادت الأمور سوءًا بعد عقد من الزمان بسبب الفوضى التي شهدتها الدولة الإسلامية.

شبَّه رجل دين عراقي مسيحي عراقي عام 2014 ما أصاب الطوائف المسيحية في البلاد بمذابح العصور الوسطى التي رافقت الغزو المغولي. لا يمثل سكان العراق المسيحيون الأن سدس ما كانوا عليه قبل عام 2003، بغض النظر عن الجهود التي تبذلها الإدارة الأمريكية للتركيز على التمويل من أجل المساعدات لإعادة بناء هذه المجتمعات التي حطمتها ومزقتها الحرب.

على نطاق أوسع، أشادت إدارة ترامب بقضية “الحرية الدينية” مركِّزة على القاعدة المسيحية الإنجيلية للرئيس. وعقدت مؤتمرات قمة دولية على المستوى الوزاري حول محنة الأقليات الدينية المضطهدة وتحاول حتى إعادة صياغة وتأطير مفهوم حقوق الإنسان على أسس دينية أكثر شمولاً. استضاف ترامب الشهر الماضي مجموعة متنوعة من قادة المجتمعات الدينية المهددة بالخطر من جميع أنحاء العالم في المكتب البيضاوي – وهو الحدث الذي يتذكره الجميع الآن حيث تبادل الرئيس المثير للجدل مع ناشطة إيزيدية وقعت ضحية للاغتصاب والتعذيب.

لكن النقاد يجادلون بأن هذا الأمر لا يزيد عن كونه إشارة إلى الفضيلة عندما يقابَل مع أجندة ترامب ضد اللاجئين. انخفض عدد مسيحيّي الشرق الأوسط الذين تم قبولهم لاجئين في الولايات المتحدة عام 2018 بنسبة 98 % عن عام 2017. هذا جزء من مجموعة واسعة ومنظمة من قبول اللاجئين إلى أمريكا. ورد أن مستشار ترامب “ستيفن ميلر”، وهو متعصب مناهض للهجرة، قد ذكر أنه يكون “سعيدًا إن لم تكن هناك قدم لاجئ واحد داست التراب الأمريكي مرة أخرى”.

في صيف 2017 ، هدد “ميلر” ومسؤولون آخرون في البيت الأبيض بفرض حظر سفر على جميع المواطنين العراقيين لإجبار الحكومة في بغداد على استعادة المواطنين العراقيين المدرجين في قائمة الترحيل. قامت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية بوضع مئات المواطنين العراقيين ضمن سجلات إجرامية بما في ذلك الداود، الذي أرسل إلى مركز احتجاز في يونغستاون، أوهايو. على الرغم من أن قاضًا فدراليًا أوقف الإجراءات على أساس أن العديد من هؤلاء العراقيين سيواجهون “الاضطهاد أو الموت أو التعذيب”، فقد ألغت محكمة الاستئناف الحكم في كانون الأول، مما مهد الطريق لترحيل لقصة ترحيل الداود.

كما أوضح الصحفي “تيم إلفرينك” وفق ما ترجمه مرصد مينا عن الصحيفة: “كان العراق يرفض لعقود قبول عمليات الترحيل من الولايات المتحدة؛ لكن كل ذلك تغير في حزيران 2017، كجزء من صفقة للهروب من حظر سفر الرئيس ترامب ضد مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة، حسبما ذكرت رويترز، وافق العراق على قبول المرحلين، تم اعتقال أكثر من 100 عراقي لديهم سجلات جنائية في ذلك الشهر من قبل إدارة الهجرة والجمارك، معظمهم في ديترويت “.

قال محام يمثل اللاجئين العراقيين الآخرين الذين يتعرضون الآن لخطر الترحيل لصحيفة Dertoit News: “إن سبعة على الأقل قطعوا عنهم عمدا نظام التتبع وتحديد المواقع العالمي (GPS) الشهر الماضي في محاولة لتجنب إرسالهم للعودة إلى بلد قد يتعرضون فيه للخطف أو القتل”. وقال الوكيل الرسمي عن هؤلاء “باجوكا” لصحيفة “The Post”: “مما يتعذر علينا فهمه أن نرسل أشخاصًا – كان أقاربهم ورجالهم قبل عامين أو ثلاثة أعوام ضحية لهذه الإبادة الجماعية مرة أخرى – إلى هذا المكان الذي لا يزالون فيه عرضة للخطر”.

ناشد خطاب ترامب عام 2016، الناخبين المحافظين من أصل كلداني عراقي في ميتشيغن، والذين أدلوا بأصواتهم كلها لصالحه، حيث تراوح عددهم بين 60 إلى 80 ألف شخص. من غير المرجح أن يكون هناك إقبال مماثل في عام 2020. وقال “ستيف يالدو”: – الكلداني المولود في الولايات المتحدة، لمجلة Christian Science Monitor – عام 2017: “لقد أيده جميعنا، لقد أردنا جميعًا ترامب لأننا اعتقدنا أن ترامب سيفيدنا جدًا”، وختم: “لقد أدار ظهره لنا “.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي

Exit mobile version