
مرصد مينا
في تصعيد جديد للأزمة السياسية والقضائية التي تعصف بالمشهد التركي، قاطع رئيس بلدية إسطنبول السابق وأبرز وجوه المعارضة، أكرم إمام أوغلو، أولى جلسات محاكمته في إحدى القضايا المرفوعة ضده، احتجاجاً على نقل مكان انعقادها إلى سجن سيليفري، حيث يُحتجز منذ مارس الماضي، دون إبلاغه ومحاميه إلا قبل أقل من 24 ساعة من موعدها.
وأدى قرار نقل الجلسة إلى مقاطعة إمام أوغلو وفريقه القانوني المحاكمة، وهو ما دفع المحكمة إلى تأجيلها إلى يوم 26 سبتمبر المقبل.
وتتهم النيابة إمام أوغلو بالتأثير على موظف قضائي أو خبير أو شاهد، بسبب تصريحاته العلنية في مؤتمر صحافي نُظّم في يناير الماضي، يُعتقد أنها استهدفت أحد الخبراء العاملين في قضايا تتعلق ببلديات تابعة لحزبه، حزب الشعب الجمهوري المعارض.
وفي حال الإدانة، يواجه إمام أوغلو عقوبة بالسجن تتراوح بين عامين وأربعة أعوام، إضافة إلى منعه من ممارسة أي نشاط سياسي خلال المدة نفسها.
وتُضاف هذه القضية إلى سلسلة من المحاكمات التي يواجهها منذ احتجازه في 19 مارس الماضي، بما في ذلك تحقيقات فساد يُزعم أنها وقعت خلال فترة توليه رئاسة بلدية إسطنبول.
“جلسة غير قانونية”
ووصف إمام أوغلو تغيير مكان المحاكمة المفاجئ بأنه “مخالفة صريحة للقانون”، مؤكداً في بيان نشره عبر منصة “إكس” من حساب “مكتب المرشح الرئاسي” – بعد حظر حسابه الرسمي من قبل السلطات – أن “جلسة اليوم غير قانونية ولا تتوافق مع مبادئ المحاكمة العادلة”.
وأضاف: “أنتم ترفعون دعوى قضائية مقابل كل نفس نتنفسه، وتخشون حتى الدفاع عن أنفسنا… لا أقبل هذه الممارسات التعسفية التي تمنع حقنا في الدفاع، وأرفض أن أكون جزءاً من هذه العملية”.
وكان حزب الشعب الجمهوري قد أعلن عن حشد أنصاره أمام المحكمة في مجمع تشاغلايان قبل الجلسة، ما يرجّح أن يكون سبباً غير معلن لنقلها إلى سجن سيليفري.
حملة ممنهجة ضد المعارضة؟
من جانبها، ندّدت المتحدثة باسم حزب “الديمقراطية والمساواة للشعوب” المؤيد للأكراد، غولستان كيليتش كوتشيغيت، بما سمّته “عملية حصار ممنهجة” تستهدف حزب الشعب الجمهوري وحكوماته المحلية، معتبرة أن ما بدأ باعتقال إمام أوغلو في مارس الماضي “يتوسع بشكل متسلسل للنيل من بلديات المعارضة”.
وأكدت كوتشيغيت، في مؤتمر صحافي بالبرلمان، أن هناك 11 رئيس بلدية من الحزب المعارض رهن الاعتقال، مشيرة إلى أن معظم القضايا “قائمة على تحقيقات غير عادلة واعترافات مشكوك في صحتها”.
وقالت:”نرى أن أجندة الحكومة، وليس القانون، هي العامل الحاسم في هذه القضايا… إننا لا نقبل بهذا التدخل القضائي الذي يهدد الديمقراطية التركية ويجب أن يتوقف فوراً”؟
كسر عزلة أوجلان… ضرورة لحل تاريخي؟
وفي سياق متصل، تطرقت كوتشيغيت إلى ما وصفته بـ”الفرصة التاريخية” لحل القضية الكردية، في ظل تقارير تفيد برغبة زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المحتجز في سجن إيمرالي منذ 1999، في لقاء ممثلي الأحزاب السياسية والصحافيين والمجتمع المدني.
ودعت الحكومة ووزارة العدل إلى تمهيد الطريق لفتح حوار مباشر مع أوجلان، معتبرة أن “الخطوة ستكون ذات قيمة كبيرة لتحقيق سلام اجتماعي وحل ديمقراطي حقيقي”.
وفي تطور غير مسبوق، سُمح لأوجلان هذا العام بزيارات عائلية واسعة خلال عيد الأضحى، كما نُقل إليه 3 سجناء آخرين من حزبه، في خطوة اعتُبرت محاولة حكومية لكسر عزلة استمرت 26 عاماً.