تركيا تتمدد في المغرب العربي

تعمل تركيا على فتح أبوابها أمام المغرب العربي، في حرب السباق والسيطرة على ضفاف المتوسط الجنوبية، فبعد أن قوت علاقتها مع حكومة السراج، ومع تونس وبدأت تفكر في الجزائر التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة.
وتستهدف تركيا بهذه الخطوة من هم في عمر الإنتاج والعطاء، أي فئة الشباب، آملة ً أن يكونوا بذلك أدوات في الحرب الثقافية أولاً ومن ثم الوصول إلى الجزائر.
وضمن هذه الخطوة، أعفت تركيا مواطنين جزائريين من فئات عمرية محددة، من الحصول على تأشيرة مسبقة لدخول أراضيها، وصدر القرار المذكور بموجب المادة 18 من قانون “الأجانب والحماية الدولية” رقم 6458.
فقد أعفى قرار صادر من رئاسة الجمهورية التركية، ونشر صباح اليوم الجمعة في الجريدة الرسمية، مواطني دولة الجزائر الذين هم دون الـ 15 عاما وفوق الـ 65 عاماً، من حملة جوازات السفر العادية، من تأشيرة الدخول المسبقة لدخول تركيا، والإقامة فيها.
وأشار القرار، الذي يحمل توقيع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، إلى أنه سيكون بإمكان الفئة المذكورة من المواطنين الجزائريين الإقامة في تركيا لأغراض سياحية لمدة أقصاها 90 يوما خلال ستة أشهر.
وبهذا تكون تركيا تعمل على استقطاب فئة الشباب، كمرحلة أولية لفتح الأبواب الجزائرية أمام التواجد التركي في المغرب العربي.
تأتي الخطوة التركية هذه بعد أن فرضت تركيا في أيلول الماضي، قيوداً جديدة على الجزائرين الراغبين بالسفر إليها، دون أن تعلم السلطات الجزائرية، ما أثار غضباً سياسياً لدى السلطات الجزائرية حينها.
قال حينها وزير الشؤون الخارجية الجزائري “صبري بوقادوم”؛ إن تركيا فرضت شروطا جديدة لمنح تأشيرة الدخول للجزائريين، من دون أي إنذار مسبق، ولم يتم إبلاغ الجزائر بالموضوع.
وأكد الوزير في حديثه لوسائل إعلام جزائرية حينها، أن بلاده لن تسكت وستلجأ إلى المعاملة بالمثل في المستقبل القريب، وقال: “بصريح العبارة ” ليس لدينا ما نخسره من وراء اعتماد السلطات التركية، لإجراءات منح التأشيرة للجزائريين”.

وذكّر بوجود استثمارات ومشاريع تركية في الجزائر، وشدد على أن بلاده ستتعامل، بالمثل مع كافة الدول التي تحاول تضييق الخناق على الجزائريين في منح التأشيرة”. 

الأحلام القديمة

يبدو أن الأجواء التي سادت بلدان العالم العربي الذي شهد ثورات شعبية، تعتبر من أكثر الأجواء الملائمة للتوسع التركي في المغرب العربي، خاصة مع ركوب أنقرة موجة صعود الإسلاميين في بعض البلدان إلى سدة الحكم، ويقول مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية، أن تركيا تستغل مرحلة الصراع والانقسام التي تشهدها ليبيا حالياً كأكثر فرصة مناسبة لبدء تنفيذ مخطط قديم تم احياؤه عقب ثورات الربيع العربي.

ووفق المركز، فإن هذا المخطط يتمثل في توسيع النفوذ التركي في العالم العربي من خلال بوابة المغرب العربي. ويقتضي نجاح المخطط التركي الهادف لزعامة إسطنبول للعالم العربي والإسلامي على المدى المتوسط، بدء تطبيق وصاية ناعمة على بعض البلدان باستغلال حالة التفكك وزيادة ترهل العمل العربي المشترك.

سلاح المال

قفزت صادرات تركيا الى الدول المغاربية بعد ثورات الربيع العربي بنحو ملياري دولار إضافية تقريبا حققتها حكومة أردوغان، وفق المصدر، بفضل التقارب مع الأنظمة الجديدة وخاصة التي تشارك أحزاب إسلامية في حكمها. وفي حين حققت تركيا هذه الأرباح لم تحقق الدول المغاربية شيئا يذكر من التقارب مع إسطنبول، اذ تميل موازينها التجارية الى السالب مع أنقرة.

وقد قفزت قيمة صادرات تركيا الى دول المغرب العربي بعد ثورات الربيع العربي الى نحو 6.570 مليارات دولار في 2018[2] مقارنة بنحو 4.857 مليارات دولار في 2010 أي بنحو زيادة قدرت بنحو أكثر من 1.713 مليار دولار خلال 8 سنوات فقط.

في المقابل تراجعت قيمة الورادات التركية من هذه الدول التي تسجل عجزا تجاريا ضخما مع تركيا حيث لا تتعدى قيمة صادراتها الى الأسواق التركية نحو 2.4 مليار دولار ما يعادل نحو ثلث قيمة وارداتها من تركيا التي نمت بسرعة كبيرة في فترة ما بعد ثورة الربيع العربي.

Exit mobile version