تركيا تصعّد ومصر تدخل على الخط… نواقيس الحرب تدق على أبواب سرت

مرصد مينا – هيئة التحرير

أصبح من شبه المؤكد، أن حرباً كبرى ستندلع قريباً في مدينتيّ سرت والجفرة. فكل المؤشرات توحي أن نواقيس الحرب قد دقت، وأنه لا مفر من التدخل لعسكري. إذ إن كل المساعي الدولية والدعوات لوقف إطلاق النار في ليبيا، لم تنجح في كبح جماح حكومة الوفاق التي ما تزال تحشد تحضيراً لمعركة باتت قريبة في مدينة سرت. ففي خطوة تصعيدية جديدة بدأت حشود لقوات الوفاق في ليبيا تتحرك باتجاه مدينة سرت، التي تعد البوابة إلى مرافئ النفط الرئيسة في البلاد. وقد تحرك رتلاً من نحو 200 مركبة شرقًا من مصراتة على ساحل البحر المتوسط باتجاه مدينة تاورغاء، أيّ نحو ثلث الطريق إلى سرت. ‎

على الرغم من أن مدينة مصراتة تحولت الى مركز لعمليات تركيا في المنطقة الغربية، وهذا لم يعد خافياً على أحد، حيث نقلت إليها آلاف المرتزقة، والآليات العسكرية، كما نشرت فيها طائرات مسيّرة من طراز “بيرقدار”، وقد كشفت صور بالأقمار الاصطناعية مواقع للطائرات المسيرة بمحيط القاعدة الجوية في المدينة، وذلك في إطار مساعي أنقرة لدعم قوات الوفاق التي قالت قبل أيام إنها تخطط لمهاجمة سرت الخاضعة للجيش الوطني الليبي.

مليشيات ومقاتلين

تعدّ مصراتة أهمَ نقطة عسكرية غربي البلاد، من حيث عدد المسلحين ونوعية الأسلحة. وتضم ميليشياتُها مقاتلين سابقين، يملكون مخزونا ضخماً من الأسلحة المتطوّرة. كما تعد المدينة أيضاً بوابة وصول الدعم التركي العسكري واللوجستي، للميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق، وذلك من خلال مطارها ومينائها.

على صعيد متصل، أنشأت تركيا جسراً جوياً جديداً لنقل الأسلحة إلى ليبيا، وهبطت للمرة الأولى إحدى طائرات الشحن التابعة لها مباشرة في قاعدة الوطية الجوية، التي تعرضت للقصف مؤخراً. وذكر موقع الرصد العسكري الإيطالي “إيتمال رادار” أن طائرة من طراز “لوكهيد. سي 13. إي” تحمل الرقم (1468 – 71) غادرت قاعدة كونيا وسط تركيا، واتجهت مباشرة إلى قاعدة الوطية في غرب ليبيا، بعد أن كان من المعتاد أن تهبط طائرات الشحن التابعة لسلاح الجو التركي في مصراتة، مبرزاً أن الطائرة غادرت بعد ذلك عائدة إلى قاعدة كونيا الجوية.

وفي المقابل، يستعد الجيش الليبي للمواجهة المنتظرة في سرت، حيث ذكرت شعبة الإعلام الحربي الليبي، أن السواحل المقابلة لمدن سرت ورأس لانوف والبريقة، شهدت انتشار كثيفا للدوريات البحرية التابعة للجيش الوطني الليبي. ونشر حساب شعبة الإعلام الحربي الليبي على “تويتر” صورا لانتشار دوريات استطلاعية مكثفة للقوات البحرية في سواحل مدن سرت ورأس لانوف والبريقة.

وقبل يومين أعلن الناطق باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، أن القوات المسلحة دفعت بتعزيزات إضافية إلى غرب مدينة سرت، لحماية مقدرات الشعب الليبي. وأضاف المسماري، في مؤتمر صحفي، أن “جميع وحدات الجيش الوطني منتشرة في أغلب مناطق الجبهة، وأن منظومات الدفاع الجوي الحديثة نُشرت حول أغلب مدن شرق البلاد والمواقع الحيوية”، نافيا انسحاب القوات المسلحة من منطقة الهلال النفطي.

مصر تدخل على الخط

من جهة أخرى، تتجه الأوضاع في ليبيا نحو تدخل مصري مباشر، تزداد ملامحه يوماً بعد يوم، وذلك رداً على العدوان التركي السافر على الأراضي الليبية، واستمرار أنقرة في عمليات نقل المرتزقة والإرهابيين وإغراق البلاد بشحنات السلاح تحضيراً لمعركة يدفع اليها النظام التركي بهدف السيطرة على مدينتي سرت والجفرة ووضع يده على الحقول النفطية بما يمكنه من نهب ثروات الليبيين.

خطوة جديدة أقدمت عليها القاهرة، جاءت مع إعلان البرلمان المصري، موافقته على نشر قوات مسلحة مصرية في مهام قتالية بالخارج، وعلى نشر قوات للدفاع عن الأمن القومي، وتحديداً في الإطار الاستراتيجي الغربي؛ في إشارة إلى الحدود مع ليبيا. وجاءت هذه الموافقة في سياق التحضير لتدخل مصر العسكري المباشر في ليبيا لدحر الغزو التركي والقضاء على مليشيات ومرتزقة أردوغان الذين باتوا يهددون ليبيا والمنطقة ككل.

وذكر بيان للبرلمان، أن المجلس وافق بإجماع آراء النواب الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي، ضد أعمال “الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات”. وأضاف البيان أن “القوات المسلحة وقيادتها لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات”.

تركيا ونهب الثروات

وتأتي خطوة البرلمان المصري في أعقاب لقاء جمع الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بمشايخ وأعيان القبائل الليبية، الذين أكدوا تفويضهم للرئيس المصري والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر ومواجهة التحديات المشتركة.

وأعلن مجلس النواب الليبي، قبول ذلك رسمياً، والسماح للقوات المسلحة المصرية للتدخل العسكري في ليبيا دعماً لليبيين في حربهم ضد الاحتلال التركي، الذي يسعى للسيطرة على الحقول النفطية ونهب ثروات البلاد دعما لاقتصاد أنقرة المتداع. وقال في بيان له، إن “للقوات المسلحة المصرية الحق في التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطراً داهماً وشيكاً يطال أمن بلدينا.”

وأشار بيان مجلس النواب الليبي، إلى أن البلاد تتعرض لتدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم.وأوضح أن “مصر تمثل عمقا استراتيجيا لليبيا على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على مر التاريخ، وأن الاحتلال التركي يهدد ليبيا بشكل مباشر ودول الجوار في مقدمتها مصر، والتي لن تتوقف إلا بتكاتف الجهود من دول الجوار العربي”.

تغيير موازين القوى

ويطرح التدخل المصري في حالة حدوثه تساؤلاً كبيراً حول مدى قدرة القوات المسلحة المصرية على تغيير موازين القوى في ليبيا؟ وهو تساؤل أجاب عليه الرئيس المصري، خلال لقائه الأخير مع مشايخ وأعيان القبائل الليبية، حين أكد أنه “إذا تدخلت مصر في ليبيا ستغيّر المشهد العسكري بشكل سريع”، مضيفا بالقول “لدينا أقوى الجيوش في المنطقة وأفريقيا”.

وبالرغم من الدعوات الدولية الى احترام حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، ما يزال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مصراً على خرق الالتزامات الدولية طمعاً في السيطرة على ثروات ليبيا. وشهدت المدن الليبية مظاهرات شعبية تنديداً بالغزو التركي، كما أكدت القبائل الليبية في بياناتها؛ الوقوف ضد محاولات أردوغان تحويل ليبيا لولاية تركية. ويؤكد متابعون للشأن الليبي أن مزاعم أردوغان حول السلام في ليبيا، لن تنطلي على الليبيين الذين سيقفون بالمرصاد ضد مخططاته ولن يسمحوا باحتلال أرضهم ونهب ثرواتهم.

Exit mobile version