هي “عسكرة المياه”، ذاك ماتقوم به تركيا اليوم بمواجهة السكان المدنيين في منطقة الحسكة ذات الأغلبية الكردية، باعتبار المياه سلاح بمواجهة السكّان، وهو الأمر الذي سبق واستخدمه تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، فعندما سيطر داعش على مدينة الرمادي، قام بغلق فتحات سدين على نهر الفرات، أحدهما في الرمادي، وسد النعيمية في الفلوجة، وهو ما أدى إلى غرق الأراضي خلف السد وتقليل مستويات المياه في محافظات جنوب العراق، التي يمر بها نهر الفرات.
بعدها قام التنظيم باحتلال معظم السدود الإستراتيجية المهمة مثل سد الرمادي، وسد الفلوجة، وسد ناظم الورار، والروافد العليا لنهري دجلة والفرات الذي يضم أكبر خزان للمياه في بحيرة الأسد، وذلك بعد سيطرته على 95% من المناطق التي يمر عبرها الفرات.
وفي مايو 2015، سيطر التنظيم على سد الرمادي وأغلق بواباته، وقطع المياه عن بلدة روز، بمحافظة ديالي، ذات الأغلبية الشيعية، ومدينة قراقوش، ذات الأغلبية المسيحية، وتمكن التنظيم من السيطرة على سد الفلوجة والموصل وسامراء وفرض سيادته على إمدادات المياه في محافظة بابل وكربلاء والنجف والقادسية.
تركيا بدورها استثمرت عسكرة المياه”، ولكن ليس عبر الإغراق بالمياه، وإنما بـ “التعطيش” و “التشريد” فهذا مشروع أليسو يؤدي إلى تشريد الأكراد المستوطنين في منطقة جنوب شرق البلاد، التي تنشط فيها الحركات المنادية بالاستقلال عن بلاد الأناضول. فيما يعارض الأكراد مشاريع تلك السدود التركية التي تتسبب في تهجيرهم من أراضيهم وتشتيتهم في أنحاءٍ متفرقةٍ في البلاد. ومن بين تلك المشاريع سد إليسو وهو ثاني سد تقوم تركيا بتشييده، بعد سد أتاتورك الذي تم البدء فيه عام 1983 على نهر الفرات، ليكتمل بناؤه بعد ما يناهز العقد من الزمن عام 1992، وتشرع تركيا في بناء سدود أخرى، كسد بيره جك وسد قرقاميش.
اليوم، تلجأ تركيا إلى “تعطيش” أهالي الحسكة السورية، بعد أن قطعت المياه عن 460 ألف مواطنًا يسكنها بالإضافة إلى قطعها عن ثلاث مخيمات للنازحين في المنطقة، فيما يمكن العودة الى استثمار تركيا في المياه كسلاح عسكري أقله بالعودة إلى وقائع قيام الطيران التركي بقصف محطة تصفية مياه الشُرب في محيط بلدة شران شمال شرقي مركز مدينة عفرين، ومن ثم وقصف سد “ميدانكي” ثلاث مرات متتاليّة، قبل أن تسيطر عليه، وهو يبعد من عفرين مسافة 12 كيلومتراً وألحقت أضراراً به. يقع السد على نهر عفرين ويبعد من بلدة ميدانكي نحو كيلومترين، ويعمل على حجز الفيضانات الناتجة عن هطول الأمطار وتجمع المياه. ويؤمن السد أكثر من 15 مليون متر مكعب من المياه سنويّاً، تستفيد منه مدينة عفرين وقراها، وبلدة أعزاز.
فيما بعد “حوّل الجيش التركي مجرى مياه الشرب من مدينة عفرين إلى مناطق مدينة أعزاز، بعد أن سيطر على محطة التعقيم وضخ المياه في قرية “ماتينا”، وضخت حصة عفرين من المياه إلى أعزاز وريفها، وقطع الضخ عن مدينة عفرين وريفها بشكلٍ كامل. وكانت الطائرات التركيّة قد قصفتها بقذائف عدة أثناء الحرب على مدينة عفرين، قبل أن تُسيطر عليها”.
اليوم، ومع كورونا، تنقطع المياه عن مدينة الحسكة، ويحل العطش القاتل بالسكان، ومع العطش، لاحيلة للنظام السوري الذي يفضل اشتباكًا ما بين السكان والقوات التركية دون أن يكون شريكًا فيها، ولا القوات الروسية (الضامنة) تضمن حياة السكان والعطش ييبس أوردتهم، أما القوات التركية فهي تمعن في تعطيش الناس، ومع العطش:
ـ الموت أو الرحيل.
فإذا ماكان الرحيل، كان احتلالاً جديدًا لمنطقة سورية جديدة، لتكون قطرة الماء بديلاً عن الدبابة، ويكون معها الاحتلال.
الحسكة تعطش.. العالم يتفرج.
و.. لاضامن يضمن الضباع التركية من احتلال الحسكة ولكن:
ـ بسلاح الماء.