مرصد مينا- تركيا
ما تزال السلطات التركية مصرة على سجن رجل الأعمال التركي “عثمان كافالا”، بمزاعم ضلوعه في محاولة الانقلاب عام 2016، رغم المطالبات الدولية الأوروبية والأمريكية بالإفراج عنه.
“عثمان كافالا”، هو ناشط حقوقي ورجل أعمال تركي يبلغ من العمر 64 عاما، تعود أصوله إلى اليونان في بلدة كافالا، وكانت عائلته قد انتقلت إلى تركيا في عام 1923، ضمن ما عرف باسم التبادل السكاني بين تركيا العثمانية واليونان.
درس الإدارة في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، والاقتصاد في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، ثم بدأ برنامج الدكتوراه في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، لكنه عاد إلى اسطنبول عندما توفي والده عام 1982.
بعد عودته تولى إدارة شركات مجموعة كافالا في عام 1982، كما عمل على تأسيس جمعية وشركة نشر مستقلة مقرها اسطنبول، في عام 1983 من أجل خدمة الديمقراطية في البلاد.
في عام 1999، تحول كافالا إلى ناشط في المجتمع المدني، وشارك في تشكيل وعمل العديد من المنظمات غير الحكومية المختلفة، منها مؤسسة مركز “ديار بكر” في عام 2002، والتي ساهمت في تنشيط البيئة الثقافية والفنية في ديار بكر، وجمعية الحفاظ على التراث الثقافي.
سجين بتهمة التآمر والتجسس وقلب الحكم
بعد عام من محاولة الانقلاب الفاشلة، أي في 2017، وجد كافالا نفسه متهما بالضلوع في محاولة الانقلاب على الحكم، وأودع السجن بتركيا، ولم يصدر في حقه أي حكم قضائي يدينه.
السلطات التركية أوقفت كافالا في مطار أتاتورك في إسطنبول في 18 أكتوبر 2017، بتهم بـ”محاولة قلب النظام الدستوري” و”الإطاحة بالحكومة”، وكذلك بتمويل التظاهرات المناهضة للحكومة التركية في 2013.
وبعد ذلك أعفي كافالا من تهمة محاولة الانقلاب، لكنه ظل قيد الحبس الاحتياطي بتهمة التجسس السياسي أو العسكري، وقد تعالت الأصوات الحقوقية والدولية مطالبة السلطات التركية بالإفراج عنه.
مطالبات دولية وحقوقية للإفراج عنه
على الرغم سجن عشرات الآلاف من الأتراك أو تجريدهم من وظائفهم بتهم واهية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن كافالا شكل مصدر التوتر في علاقات تركيا مع الغرب، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية ودولية.
يشار إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كانت قضت بوجوب الإفراج عن كافالا فورا، مشيرة إلى أن اعتقاله كان بناء على دوافع سياسية، دون أي دليل معقول يدعم هذه الاتهامات. ومع ذلك، لم ينفذ المسؤولون الأتراك القرار وقالوا إن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليس نهائيا.
كما دعت الولايات المتحدة الأمريكية، أنقرة للإفراج فورا عنه، ووصفت التهم الموجهة إلى رجل الأعمال التركي بـ”الزائفة”، مشيرة إلى أن تلك التهم تقوض احترام وسيادة القانون.
بدوره، نشر حساب “الحرية لكافالا” باللغة التركية على موقع تويتر، سلسلة تغريدات أكدت على حق الإفراج عن كافالا، وتحت هاشتاغ “عثمان كافالا”.
يذكر أن أخر ظهور لكافالا، كان يوم الجمعة 9 من أكتوبر الحالي إذ مثل، لمحاكمة هي الثالثة خلال أربع سنوات من الاحتجاز بتهمة التآمر على الحكومة، ووصفتها منظمة العفو الدولية بأنها “هزلية”.
وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” فإن الادعاء التركي دمج قضايا ضد ثلاث مجموعات من المتهمين لإنشاء قضية جديدة ضد 52 شخصا، ويعد كافالا أبرز شخص في مجموعة ضمت مشجعي كرة القدم والخبراء البيئيين والفنانين الذين شاركوا في احتجاجات ميدان تقسيم عام 2013.
منظمة العفو الدولية وصفت دمج القضايا بأنه “هزلي” و”تجاهل مروع لإجراءات المحاكمة العادلة”.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن إردوغان سعى وراء معارضيه بعد احتجاجات تقسيم ومحاولة الانقلاب، لكن سعيه وراء البعض حير الكثيرين خاصة كافالا الذي لا يعد شخصية سياسية، بل عمله خيري ركز على إعادة البناء بعد الزلازل، وعلى البرامج الثقافية والفنية للأقليات.
يمثل كافالا الذي رعى الكثير من النشاطات الثقافية والفنية نقيضا صارخا لاردوغان الذي يروج للإسلام السياسي ويحكم تركيا منذ عام 2003 بقبضة حديدية، بحسب فرانس برس.
وفي مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة، لا يتوقع كافالا الخروج من زنزانته في سجن اسطنبول في وقت قريب.
وقال في رد مكتوب بالانكليزية من سجنه لفرانس برس “اعتقد ان السبب الحقيقي وراء اعتقالي المستمر هو حاجة الحكومة الى الابقاء على رواية ارتباط احتجاجات جيزي 2013 بمؤامرة اجنبية حية”.
وأضاف: “بما أنني متهم بكوني جزءا من هذه المؤامرة المزعومة التي نظمتها قوى أجنبية، فإن إطلاق سراحي سيضعف هذه الرواية المشكوك فيها، وهذا ليس شيئا توده الحكومة”.
ويقارن كافالا الملم بالتاريخ القضية الحالية ضده بقضية التجسس ضد الضابط الفرنسي ألفريد دريفوس أواخر القرن التاسع عشر التي تبين انها مدبرة على خلفية معاداة السامية، وايضا قضية التجسس (لحساب الاتحاد السوفيتي) المثيرة للجدل التي اتهم بها الزوجان جوليوس وايثل روزنبرغ قبل اعدامهما عام 1953.
وقال كافالا: “أفترض أن الملفات ضد دريفوس وروزنبيرغ كانت أفضل اعدادا من ملفاتي”.
في حال إدانته يواجه كافالا عقوبة السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط.