fbpx

تسونامي الغلاء يفتك بفقراء إيران

تقرير خاص بمينا تحاول السلطات الحكومية وحكومة روحاني (حكومة الأمل والتدبير) أن تجنب نفسها خطر بركان السخط الشعبي، بالمعالجة بالأمل، وإطلاق الوعود الكاذبة يومياً. لكن الواقع يتحدث عن أمر آخر، فالأجور والرواتب التي يستلمها 50 مليون إيراني من مستلمي الأجور لا تكفي إلا 28% من تكاليف الحاجيات الضرورية والأساسية لهم، والكل يعلم أن الإحصاءات الرسمية والحكومية التي تعرض على إعلام النظام الإيراني ماهي إلا أداة من أجل تصفية الحسابات بين الأجنحة الحاكمة المتصارعة في الداخل، والإيحاء بتطبيع الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة، وفي الواقع فإن هذه الإحصاءات لا تعبر عن الصورة الحقيقية بأكملها.

  • التضخم والغلاء المنفلتان يفتكان بلقمة عيش المواطنين

‌اعترفت وسائل الإعلام الحكومية بأن التضخم وصل إلى 23.5%، وتشير الإحصاءات الرسمية المقدمة من مركز الإحصاء الإيراني إلى أن نسبة التضخم الشهري في فبراير/ شباط 2019 ارتفعت لتتجاوز 42% بقفزة تعادل ستة أضعاف. وقد ألقى ارتفاع معدلات التضخم بظلاله مباشرة على القوة الشرائية لدى المواطنين، وعندما يجري الحديث عن التضخم البالغ 42% فليس المقصود هنا ارتفاع قيمة السلع الفاخرة وغير الضرورية، وإنما المقصود هو ارتفاع قيمة السلع التي تعدّ «لقمة عيش» بالنسبة إلى المواطنين الإيرانيين. أفادت صحيفة مشرق الحكومية أن التضخم الشهري بلغ 42%، ومقارنة بشهر يناير/ كانون الثاني الماضي الذي وصل فيه معدل التضخم إلى 39.6%، نجد أن هناك زيادة بلغت 2.7% خلال شهر واحد فقط. وهذا التضخم الشهري المتزايد أدى إلى ارتفاع أسعار المأكولات والمشروبات والتبغ بنسبة 4.5% والسلع غير الغذائية والخدمية بنسبة 1.1%. وعلى الرغم من أن هذه الإحصاءات لا تعكس سوى جانب بسيط من الحقيقية، إلا أن رقابة نظام الملالي حذفت الخبر المتعلق بهذه الإحصائية من موقع مشرق الحكومي الذي أفاد في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2018 بأن البنك المركزي الإيراني فرض رقابته على إحصاء التضخم البالغ 42%، وحذفه.

  • راتب العامل الإيراني أقل راتب في العالم

‌مع ارتفاع الأسعار وغلاء السلع، يتضرر الأشخاص ذوو الدخل المحدود والدخل الثابت أكثر من غيرهم من بين شرائح المجتمع. ويبلغ عدد هؤلاء الأفراد الذين يعدّون من مستلمي الأجور حوالى 50 مليون شخص في إيران بموجب الإحصاءات الرسمية، إذ لا تنسجم أجور هؤلاء مع أوضاع معيشتهم ومع التضخم والغلاء اللذين قصما ظهر المواطنين. ووفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء تسنيم الحكومية في 22 فبراير/ شباط 2019، أعلن آرمان حاجيان‌ فرد الأستاذ الجامعي والخبير الحكومي في الشؤون الاقتصادية أن: «أجور العمال الإيرانيين تعد من بين أدنى الأجور التي يتقاضاها العمال في العالم». وأضاف قائلاً: «الحد الأدنى للراتب الذي يستلمه العمال الإيرانيون هو 1,115,140 توماناً، وذلك بموجب الحد الأدنى للرواتب المصادق عليه عام 2018، وإذا ما حسبنا هذا الراتب اعتماداً على السعر الحالي للدولار البالغ 12 ألف تومان، سوف يكون هذا العدد 92 دولاراً، وهذا الرقم يعدّ من بين الرواتب الدنيا التي تستلمها طبقة العمال في العالم». جدير بالذكر أن الحد الأدنى للرواتب في البلدان الأوروبية هو نحو 2000 دولار شهرياً، والحد الأدنى للرواتب في بلدان أوروبا الشرقية، ما بين 400 إلى 500 دولار، وهذا الرقم يعادل 4 إلى 5 أضعاف الحد الأدنى للرواتب في إيران.

  • القوة الشرائية لـ50 مليون إيراني 28% فقط

من الأخطاء الاستراتيجية الفادحة التي ارتكبتها حكومة الملالي في تعيين الحد الأدنى للرواتب، هو رفع الرواتب بموجب التضخم الحاصل في العام الماضي بنسبة20% فقط. فنظراً إلى التضخم الحاصل عام 2018 الذي عدّه بعض الخبراء في شؤون الاقتصاد نحو 200%، فإن الزيادة على الحد الأدنى للرواتب التي بلغت نحو 20% فقط، ليس إلا ضحكاً على لحى العامل الإيراني الذي يتولى مهمة توفير معيشة عائلته. والنقطة المهمة هنا هي الاعتراف بحقيقة أن 50 مليون إيراني هم من متقاضي الرواتب، ما يعني أن شريحة كبيرة من الإيرانيين يتعرضون مباشرة لأضرار تسونامي التضخم والغلاء. ولذلك كان من الواجب على حكومة الملالي، أن تضع موضوع القوة الشرائية للمواطنين وخط الفقر وتكاليف معيشة المواطنين معياراً لتعيين الحد الأدنى للرواتب، وترفع الرواتب بالتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، وذلك كأدنى مطلب من الناحيتين القانونية والإنسانية لشريحة مستلمي الرواتب الذين يشكلون نحو 50 مليون إيراني. ووفقاً لتقرير وكالة أنباء تنسيم الحكومية في 22 فبراير/ شباط 2019، فقد وصل خط الفقر في إيران إلى 6 ملايين تومان (حوالى ٥٠٠ دولار)، وارتفعت تكاليف معيشة العائلة الإيرانية حوالى 80%، وارتفع معدل المواطنين الإيرانيين الذين يقبعون تحت خط الفقر من 12% إلى نحو 50% في صيف عام 2018. وبناء على ذلك، كانت الأجور والرواتب في العام المنصرم تلبي 52% من التكاليف الشهرية للعائلة الإيرانية، ولكن في الوقت الراهن تغطي نحو 28% من تكاليف العائلة فقط.

  • صفوف طويلة والعودة بأياد فارغة بعد ساعات من الانتظار

في ظل تسونامي التضخم والغلاء الضارب، ينظر معظم المواطنين الإيرانيين بحسرة كبيرة إلى واجهات المحال، وهم لا يقدرون على الشراء. يغيب اللحم والدجاج والبيض عن موائد المواطنين يوماً بعد يوم، ولا مال لشرائها، والصفوف الطويلة تزداد في منتصف الليل وفي البرد القارس لشراء كيلو من اللحم المجمد بعد وصول سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم المحلية إلى 100 ألف تومان، والعودة بأياد فارغة بعد ساعات من الانتظار، ذلك كله تحول إلى مشهد يومي مؤلم في الشوارع الإيرانية. وإضافة إلى ذلك، تقول صحيفة “آفتاب” في ٤ آذار/ مارس ٢٠١٩ إن أسعار الخضراوات، ومنها الطماطم والخيار، ارتفعت خلال الأسابيع الماضية بمعدل 50 في المئة. وكتب حسين كريمي، رئيس تحرير صحيفة “آفتاب”، أنه يتوقع أن يقف المواطنون في الطوابير، لشراء الخضراوات أيضاً، بعد أن أصبح شراء اللحوم بالطوابير مظهراً يومياً. ويتحدث كريمي عن أسباب الغلاء في الأيام الأخيرة قائلاً: إن المنتجين الإيرانيين أصبحوا يرسلون منتجاتهم إلى الدول المجاورة، بدلاً من بيعها في الداخل للحصول على الدولار، بعد أن ارتفع سعر الدولار. عام ٢٠١٩ كما وصفه عدد من الخبراء الاقتصاديين سيكون عام الأزمات الاقتصادية العاصفة بنظام الملالي، وبالنظر إلى الاقتصاد الإيراني المفلس، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية المميتة، وعدم تفعيل آليات العمل المالية الخاصة مع إيران التي ستحرم النظام الإيراني من التعامل التجاري والبنكي مع دول العالم (حتى مع روسيا والصين كما صرح ظريف حديثا)؛ فإن عام ٢٠١٩ سيكون عاماً حافلاً بالانتفاضات والاحتجاجات الشعبية لجيش الجوعى الذي بدأ يتخبط حالياً في الداخل الإيراني. وإذا نظرنا إلى تاريخ أربعة عقود من حكم الملالي، لن نجد فيه سوى الغلاء والفقر والفساد وصرف أموال الشعب الإيراني على القمع الداخلي وتصدير الإرهاب إلى الخارج، ولذلك فإن الحل الوحيد للخلاص من شرور الملالي في الداخل والخارج، هو بسقوط نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين في إيران. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى