
مرصد مينا
في تطور جديد يُنذر بمزيد من التوتر في العلاقات بين باريس والجزائر، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم الأربعاء، أن بلاده قررت طرد دبلوماسيين جزائريين، في خطوة اعتبرها “رداً حازماً ومتناسباً” على ما وصفه بـ”القرار غير المبرر” من الجزائر بطرد دبلوماسيين فرنسيين.
وفي تصريح أدلى به لمحطة BFM TV الإخبارية الفرنسية، أكد بارو أن القائم بالأعمال الجزائري في باريس قد تم استدعاؤه رسمياً لتقديم احتجاج على هذا التصعيد، معلناً أن الرد الفرنسي “سيكون فورياً وحازماً ومتناسباً في هذه المرحلة”.
وأوضح الوزير أن حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من الجانب الجزائري، الذين لا يحملون تأشيرات حالياً، سيتم ترحيلهم إلى الجزائر.
طرد متبادل وتصعيد مستمر
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي أن الدبلوماسيين الجزائريين الذين سيشملهم قرار الطرد يعملون في مهام مؤقتة، دون تحديد عددهم أو توقيت تنفيذ القرار بشكل دقيق.
ويأتي القرار الفرنسي بعد أن قامت الجزائر في منتصف أبريل بطرد 12 دبلوماسياً فرنسياً، ما دفع باريس حينها إلى تنفيذ إجراء مماثل، في سياق تصاعد التوترات بين البلدين منذ شهور.
“تجاوزات وخرق للإجراءات”
وكانت وزارة الخارجية الجزائرية قد استدعت، يوم الأحد الماضي، القائم بأعمال السفارة الفرنسية في الجزائر، وطلبت ترحيل 15 موظفاً فرنسياً تم تعيينهم -وفق السلطات الجزائرية- “في ظروف مخالفة للإجراءات المعمول بها”.
ووفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، فقد تم رصد “تجاوزات جسيمة ومتكررة” من الجانب الفرنسي، تمثلت في تعيين موظفين في السفارات والقنصليات دون الالتزام بالإجراءات الدبلوماسية المعروفة، لا سيما ما يتعلق بـ”الإبلاغ الرسمي المسبق وطلب الاعتماد”، وهي إجراءات تفرضها الاتفاقيات الدولية والأعراف الدبلوماسية.
توتر متصاعد رغم محاولات التهدئة
وتشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية توتراً متزايداً منذ عدة أشهر، على خلفية خلافات سياسية وقنصلية وأمنية.
ورغم تحسن طفيف سُجِّل في الشهر الماضي خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، فإن الطرد المتبادل للدبلوماسيين أعاد العلاقات إلى نقطة الصفر بعد أسبوع فقط من الزيارة.
وتعود جذور التوتر الأخير إلى يوليو 2024، عندما قررت الجزائر سحب سفيرها من باريس احتجاجاً على دعم فرنسا لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل لقضية الصحراء الغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر انحيازاً غير مقبول في ملف إقليمي بالغ الحساسية.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين تواجه واحدة من أكثر فتراتها حساسية وتوتراً في السنوات الأخيرة، مع تراجع مستمر في مستوى التعاون السياسي والدبلوماسي.