مرصد مينا
تذهب “معاريف” الإسرائيلية إلى ما هو أبعد من يوميات الحرب في غزة، لتدخل في أوسع الفجوات ما بين الإسرائيليين وحماس، فالمسألة تتعدى صراع عسكري، أو نصر في الميدان، أو حماية حياة الجنود، أو تحرير مخطوفين وإعادتهم.
ما سبق يأتي باللغة العبرية فقط، أما بالعربية فلغة حماس” لغة إسلامية متطرفة، حالمة، مسيحانية ومجنونة”.
هكذا تصف “معاريف” الحمساويون ولغتهم، وهي “لغة لا تعنى بهذا النصر أو ذاك على الأرض، لا تهمها حياة الإنسان فلسطينيين كانوا أم إسرائيليين. لغة ترى أمام عينيها شيئاً واحداً فقط – هدف مجنون بإقامة خلافة إسلامية متطرفة ووحشية في كل الشرق الأوسط”.
ستتابع “معاريف”: “ليس لحماس وزعيمها أي نية للاستسلام أو لوقف القتال ولتحرير المخطوفين بمبادرتها، كما أن حماس لا تعتزم التنازل طوعاً عن السيطرة في قطاع غزة. وإن أي حرب أو ضغط عسكري وأي مفاوضات سياسية لن تؤدي بالسنوار والضيف والقتلة الذين يحيطون بهما للتخلي عن حلمهم المجنون وعن إيمانهم الأصولي عديم المساومة”.
والحال كذلك ما الذي تتوقعه “معاريف”؟
إنها تتوقع أن يقاتل الحمساويون حتى آخر قطرة دم من أجل إقامة الخلافة الإسلامية، ولا يخشون الموت كشهداء”. لذا، “ترى حماس أن مصلحتها في استمرار القتال لأطول زمن ممكن، لاستنزاف إسرائيل عسكرياً ونفسياً، ولدفع العالم لممارسة الضغط على إسرائيل ونيل مزيد من النقاط في الرأي العام الفلسطيني حيال حكم أبو مازن الضعيف”.
لهذا السبب، ليس متوقعاً أن يستسلم السنوار أو يعتزل، وبالتأكيد لن يتنازل طوعاً عن حكم حماس في القطاع. ولا يهم رجال حماس أن يقتل الجيش الإسرائيلي كل مواطني القطاع؛ لأن هذا يخدم الحرب على الرأي العام العالمي. تدرك حماس أن حياة الإنسان عزيزة جداً على إسرائيل، ولهذا ستقاتل المنظمة بكل قوتها قبل أن تحرر المزيد من المخطوفين أو توقف المس بالجنود. لإسرائيل مصلحة واضحة للعمل على تحرير كل المخطوفين، وإبادة قدرات حماس العسكرية والسلطوية في القطاع. لكن، للمفارقة، لرئيس الوزراء نتنياهو مصلحة خاصة به لمواصلة القتال قدر الإمكان؛ لأن هذا سيسمح له للبقاء في منصبه للتملص من ربقة المحكمة والابتعاد عن أحداث 7 أكتوبر التي ستذكر بفشله الشخصي والزعامي، بل وأعلن رسمياً نيته البقاء في منصبه وترميم الدولة بعد الحرب”.
إذن ووفق قراءة كهذه ما الذي تبقّى أمام الإسرائيليين؟
معاريف تقدّم نصيحتها ونصيحتها تقول “لا نملك الوقت، ويجب العمل استخبارياً وعملياتياً، بتصميم وقوة، انطلاقاً من فهمنا أن القتال لن يتوقف إلا باستكمال أهدافه؛ لأن حماس لن تستسلم ولن تتنازل طوعاً، والسبيل الوحيد هو الحسم العسكري في الميدان بشكل يتناسب ومصلحة دولة إسرائيل”.
ـ حسم عسكري؟ وماذا بعده؟
هل سيكون بوسع الجيش الإسرائيلي اجتثاث “حماس” أو اقتلاعها؟
قيل عن اقتلاع “القاعدة” من أفغانستان، ومن بعد القول تناسلت القاعدة وامتدت، من قال بأن “حماس” أقل قدرة على التكاثر والتوالد من جديد؟
سيكون هذا حال “حماس” أيّ كانت النتائج العسكرية لحرب غزة، أقلّه والإسرائيليون يبحثون عن:
ـ دولة يهودية صافية.
إذا كان الأمر كذلك فالطريق مفتوح لـ “خلافة إسلامية” صافية، وهنا ستتحول المسألة برمتها إلى :
ـ حديد يفلّ الحديد.
الغلبة لمن؟
هي لعبة الوقت الذي طالما فاجأنا بالكثير.