مرصد مينا – هيئة التحرير
ضمن تزايد الجهود الدولية لإحلال السلام في اليمن، تظهر أزمة وتوتر أمني من نوعٍ خاصة مع تصاعد التصفيات الداخلية ضمن قياديي ميليشيات الحوثي، والتي يطال بعضاً منها شيوخ القبائل الموالين للميليشيات.
يشار إلى أن سلطات الحوثيين أعلنت الثلاثاء عن مقتل الشيخ “مهلهل أحمد حسن ضبعان” وسط العاصمة اليمنية، صنعاء، التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي منذ انقلابها على الحكومة الشرعية، بدعم من الحرس الثوري الإيراني، عام 2015.
مؤشرات وخلافات جذرية
تعليقاً على عمليات التصفية الحاصلة داخل الميليشيات، تكشف مصادر يمنية مطلعة لمرصد مينا، أن الخلافات والصراعات داخل الميليشيات الحوثية تصاعدت بشكلٍ كبير خلال العام الماضي، لافتةً إلى أن الخلافات ارتبطت بناحيتين، الأولى صراعات على المناصب القيادية والسلطة والسيطرة على مصادر الثروة اليمنية من جهة، ومن جهة أخرى تباين وجهات النظر حول ضرورة انغماس الميليشيات في محادثات مع الحكومة الشرعية، خاصةً بعد ارتفاع معدلات قتلى الحوثيين على الجبهات، مشيرةً إلى وجود تيار من الميليشيات يدعو إلى التجه نحو مفاوضات سياسية، وأن هذا التيار يزعج الداعم الإيراني.
كما تبين المصادر أن الميليشيات تعيش حالة من صراعات الأجنحة خاصةص في ظل تفشي الفساد داخل الصف الأول من قياداتها، والتي تطورت إلى حد التصفيات الجسدية فيما بينها، مشيرةً إلى أن شيوخ القبائل دخلوا على خط الاصطفافات والصراعات الحاصلة.
يذكر أن زعيم ميليشيا الحوثي، “عبد الملك الحوثي”، قد أقر في وقتٍ سابق، بانتشار الفساد داخل قيادات ميليشياته، لافتاً إلى أن عدداً من القادة يهتمون بتأمين احتياجاتهم وكماليات الكماليات، دون النظر إلى حاجات العناصر على الجبهات.
كما اعترف “الحوثي” بأن الفساد بات منتشراً بين القيادات الميليشيوية، لدرجة أن عدداً كبيراً من عناصر الميليشيات قتلوا برداً بسبب سوء الملابس الموزعة لهم وعدم توفر مستلزمات التدفية، مشيراً إلى أن الميليشيات تعاني من ممارسات تمييزية بين العناصر والقادة على اساس الانتماء العائلي والقبلي.
من جهته، يرى المحلل السياسي، “عبد الجبار صالح” أن وقوع عمليات الاغتيال داخل صنعاء، يعكس مستوى الخلافات الحاصلة، وانها وصلت إلى مستويات رفيعة جداً داخل قيادة الحوثي، مرجحاً أن تشهد الفترة المقبلة تصاعداً في معدلات الاغتيالات والتصفيات.
وتأتي حادثة مقتل الشيخ “ضبعان” بعد ساعات من مقتل الشيخ القبلي الموالي للميليشيات، “علي حزام أبو نشطان”، والذي قتل على أيدي مسلحين حوثيين اقتحموا منزله وأطلقوا الرصاص عليه ما أسفر عن مقتله ومعه 3 من أولاده وشقيقته.
مفاوضات معلقة ومستقبل ضبابي
في ظل الظروف الحالية داخل الميليشيات، يشكك “صالح” في إمكانية تقدم العملية السياسية في اليمن، موضحاً: “إذا كانت الميليشيات ذاتها تعاني من حالة صراع واقتتال، فيكف لها أن تكون جزءاً من العملية السياسية والسلام في اليمن، إذا ما تم تجاوز مسألة أن قرارها مستورد من خارج الحدود، ويأتي من طهران، وكل هذا يعني شيء واحد، أن الميليشيات لن تكون مؤمنة بالحل السياسي، الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية الجديدة”.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن في وقتٍ سابق، تبني إدارته لخيار الحل السياسي في اليمن، مع دعوة الميليشيات الحوثية لوقف هجماتها على التجماعات المدنية في مدينة مأرب.
وعن ملف الصراعات الداخلية، يضيف الخبير في شؤون الميليشيات والحركات المسلحة، “عمران العاشور”، أن الميليشيات الحوثية تعيش واقع نمطي تعيشه كافة الميليشيات المشابهة، لافتاً إلى ان حالة الصراعات الداخلية غالباً ما تضرب هذا النوع من الميليشيات، التي تدير البلدان بمنطق اللادولة.
كما يشير “العاشور” إلى أن الاقتتال الداخلي يرتبط أيضاً برغبة كل قائد من قيادات الحوثي بإثبات نفسه أمام الداعم الإيراني وإظهار مدى قوته للاستئثار بالحصة الأكبر من الدعم وربما لتسويق نفسه كبديلٍ لزعيم الميليشيات، معتبراً أن استهداف زعماء القبائل يأتي ضمن سياق ترهيبهم وكسب المزيد من الولاءات على الأرض، خاصةً ون عدداً من هم بات يمتنع عن إرسال أبناء قبائلهم للقتال على الجبهات الساخنة.
يذكر أن اليمن شهد خلال الفترة الماضية، مقتل الشيخ “مصالح الوروري” الذي قتل مع عدد من أقاربه في مسقط رأسه بعمران على أيدي مسلحين حوثيين بعد أن امتنع عن الذهاب لجبهات القتال أو حشد مقاتلين من أبناء القبائل للقتال في صفوف الميليشيا.
يشار إلى أن “الوروري” هو أحد شيوخ قبيلة حاشد والذي ساند الميليشيات في عملية اقتحام عمران والعاصمة صنعاء وقاتل معها في جبهات عدة.