
مرصد مينا
نفذت واشنطن فجر الأحد، ضربة عسكرية دقيقة وخاطفة ضد منشآت استراتيجية مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. العملية، التي استمرت دقائق معدودة، استهدفت مواقع يُعتقد أنها تلعب دوراً حاسماً في تطوير القدرات النووية الإيرانية، لكنها تجنبت عمداً المفاعلات النشطة والمواد الانشطارية، في إشارة إلى سعي أميركي لضبط التصعيد ضمن حدود مدروسة.
بحسب مصادر أميركية مطلعة، شملت الضربة ثلاثة مواقع مركزية: منشأة نطنز الشهيرة، التي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم، حيث استُهدف جزء من بنيتها التحتية المخصصة لتطوير أجهزة الطرد المركزي؛ ومنشأة تقع قرب أصفهان يُعتقد أنها تحت الأرض وتُستخدم في أنشطة نووية غير معلنة؛ بالإضافة إلى منشأة فوردو المحصّنة تحت جبل، والتي تُعد من أكثر المواقع تحصيناً في البرنامج النووي الإيراني.
العملية العسكرية الأميركية تميزت باستخدام ترسانة متطورة من الأسلحة، حيث استُخدمت طائرات B-2 الشبحية لضرب منشأة فوردو، وأطلقت كل طائرة قنبلتين خارقتين من طراز GBU-57 MOP، والتي يبلغ وزنها نحو 14 طناً وتُعد من أقوى الأسلحة غير النووية في الترسانة الأميركية.
في الوقت ذاته، أُطلقت صواريخ توماهوك بعيدة المدى من غواصات متمركزة في مياه الخليج وبحر العرب لضرب المنشأتين الأخريين، مركزة على مرافق تقنية يُعتقد أنها مخصصة لتوسيع قدرات أجهزة الطرد المركزي وتطوير التكنولوجيا النووية الإيرانية بعيداً عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفيما تشير التقديرات الأولية إلى أن الهجوم عطّل بعض القدرات الفنية الحيوية للبرنامج النووي الإيراني، أكدت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية أن الهدف الرئيسي للعملية كان توجيه رسالة ردع واضحة لإيران، دون السعي إلى إشعال حرب شاملة.
الضربة، كما وصفتها الإدارة الأميركية، جاءت كخطوة محسوبة لإبطاء وتيرة الأنشطة النووية الإيرانية، خصوصاً في المنشآت ذات الطبيعة السرّية أو التي يصعب الوصول إليها.
وبعد تنفيذ الضربة، كشفت مصادر دبلوماسية أميركية أن واشنطن أبلغت طهران بشكل مباشر عبر قناة اتصال دبلوماسية، بأنها لا تسعى إلى تغيير النظام الإيراني.
ووفقاً لشبكة “سي بي إس”، فقد أُبلغت طهران أن الهجوم انتهى ولا توجد نية حالياً لتنفيذ عمليات عسكرية إضافية، بينما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف هو من تولى إيصال الرسالة شخصياً، في محاولة لاحتواء الموقف والحفاظ على إمكانية العودة إلى مسار التهدئة مستقبلاً.
ورغم هذا التصعيد الخطير، لم تصدر السلطات الإيرانية حتى اللحظة بياناً رسمياً يوضح حجم الأضرار أو يحدد طبيعة الرد.
ويعتقد مراقبون أن طهران قد تختار التريث ودراسة خياراتها بعناية، سواء من خلال أدواتها المباشرة أو عبر حلفائها الإقليميين، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر والمواجهة، لكن دون استبعاد إمكانية العودة إلى المسار الدبلوماسي في حال توفرت الشروط المناسبة.