مرصد مينا
أوصت وثيقة رسمية إسرائيلية وضعتها وزارة الاستخبارات بالنقل القسري لسكان قطاع غزة إلى سيناء بشكل دائم، كخيار مفضل بين 3 خيارات تقترحها بشأن مستقبل الفلسطينيين في القطاع بعد الحرب.
وتطالب الوثيقة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، الحكومة بالتحرك لإجلاء سكان غزة خلال الحرب، وإقامة مدن خيام ومدن جديدة في شمال سيناء، لاستيعاب الفلسطينيين “المطرودين” من غزة، ليتم بعد ذلك “إنشاء منطقة عازلة على امتداد عدة كيلومترات داخل مصر”، وعدم السماح للسكان بالعودة إلى ممارسة الأنشطة أو الإقامة بالقرب من حدود إسرائيل مرة أخرى.
كما توصي بضرورة الاستعانة بعدد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لتنفيذ هذه الخطوة.
والوثيقة، تتكون من 10 صفحات، مؤرخة في 13 أكتوبر 2023، وتحمل شعار وزارة الاستخبارات الإسرائيلية برئاسة الوزيرة جيلا جملئيل من حزب “الليكود”.
وأكد مسؤول في الوزارة صحتها، قائلاً إنه قد تم توزيعها على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من قبل قسم السياسات في الوزارة، لكن “لم يكن من المفترض أن تصل إلى وسائل الإعلام”.
موقع “ميكوميت” الإسرائيلي أشار إلى أن هناك صلة أخرى تربط الوثيقة بحزب الليكود، مشيراً إلى تسريبها لأول مرة في مجموعة محادثة صغيرة على (واتساب) لناشطين يمينيين يروجون، مع عضو الليكود أمير وايتمان، للضغط من أجل إنشاء مستوطنات إسرائيلية في غزة وتهجير الفلسطينيين من هناك.
بحسب أحد هؤلاء الناشطين، فإن الوثيقة الصادرة عن الوزارة وصلت إليهم عبر أحد أعضاء حزب الليكود، وأن فكرة توزيعها على الجمهور كانت محاولة لمعرفة ما إذا كان الجمهور في إسرائيل مستعداً لقبول الأمر”.
مراحل خطة التهجير
الوثيقة توصي بتنفيذ عملية تهجير للمدنيين من غزة باعتبارها النتيجة المرجوة من الحرب، وتنقسم خطة النقل هذه إلى عدة مراحل: في المرحلة الأولى، يتم “إجلاء سكان غزة إلى الجنوب”، في حين ستركز الضربات الجوية على الجزء الشمالي من القطاع.
وفي المرحلة الثانية، سيبدأ التوغل البري ما سيؤدي إلى احتلال القطاع بأكمله، من الشمال إلى الجنوب، و”تطهير المخابئ الموجودة تحت الأرض من مقاتلي حركة حماس”، وفي الوقت نفسه الذي سيتم فيه احتلال غزة، بحسب الوثيقة، ينتقل سكان القطاع إلى الأراضي المصرية، ولن يسمح لهم بالعودة إليه بشكل دائم.
وجاء في الوثيقة: “من المهم ترك ممرات للتحرك باتجاه الجنوب صالحة للاستخدام، وذلك للسماح بإجلاء السكان المدنيين باتجاه رفح”.
كما تقترح الوثيقة الترويج لحملة تستهدف دفع الفلسطينيين في غزة للموافقة على الخطة، وجعلهم يتخلون عن أراضيهم.
وجاء فيها: “يجب أن تتمحور الرسائل عن خسارة الأرض، أي التأكيد بوضوح أنه لم يعد هناك أي أمل في العودة إلى الأراضي التي ستحتلها إسرائيل في المستقبل القريب، سواء كان هذا صحيحاً أم لا، كما يجب أن تكون الصورة كالآتي: (لقد جعلكم الله تخسرون هذه الأرض بسبب قيادة حماس لها، ولم يعد هناك خيار سوى الانتقال إلى مكان آخر بمساعدة إخوانكم من المسلمين)”.
وتطالب الوثيقة الحكومة الإسرائيلية بإطلاق حملة عامة في العالم الغربي للترويج لبرنامج الترانسفير (ترحيل الفلسطينيين)، وذلك “بطريقة لا تحرض على إسرائيل، أو تشوه صورتها”، عبر الادعاء بأن ترحيل الفلسطينيين من غزة “خطوة ضرورية من الناحية الإنسانية”، وهو ما سيحظى بتأييد العالم، لأنها ستؤدي إلى “سقوط عدد أقل من الضحايا بين السكان المدنيين مقارنةً بالعدد المتوقع للضحايا في حالة بقائهم بالقطاع”.
كما تنص الوثيقة الإسرائيلية أيضاً على أنه يجب الاستعانة بالولايات المتحدة في هذه الخطوة، حتى تتمكن من الضغط على مصر للقبول باستقبال سكان غزة، ودول أوروبية، خاصةً اليونان وإسبانيا وكندا، للمساعدة على استيعاب وتوطين اللاجئين الذين سيتم إجلاؤهم من القطاع.
وقالت وزارة الاستخبارات إنها لم تعرض الوثيقة على مسؤولين أميركيين، وإنها قدمتها فقط للحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية فقط.
وفقاً للموقع الإسرائيلي، فإن فرص تنفيذ مثل هذه الخطة، التي ترقى إلى مستوى “التطهير العرقي” لسكان غزة، تبدو معدومة في كثير من النواحي، لا سيما بعد إصرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على إعلان رفضها بشكل مطلق، محذراً من أن تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء قد يهدد السلام بين مصر وإسرائيل، إذا أصبحت سيناء منطلقاً لهجمات تستهدف الدولة العبرية.
وعلى الرغم من مخالفة كل ما تفعله إسرائيل بتدمير قطاع غزة لكافة القوانين الدولية والإنسانية، تدعي الوثيقة الإسرائيلية أنه سيتوجب على مصر “الالتزام بموجب القانون الدولي” والسماح بمرور الفلسطينيين الذين ستطردهم إسرائيل، بالمخالفة للقانون الدولي، إلى سيناء المصرية.