مرصد مينا
رجح تقرير اسرائيلي صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” حدوث تصعيد في جنوب لبنان، جراء نشاط قوات تابعة لحزب الله تنتشر على طول “الخط الأزرق”، الذي رسمته الأمم المتحدة بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.
وأشار التقرير إلى القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في نهاية حرب 2006 والذي يقضي بأن يكون جنوب لبنان خاليا من قوات غير حكومية، أي منع حزب الله من النشاط في هذه المنطقة. “لكن من الناحية الفعلية”، أضاف التقرير، “انتقل حزب الله في جنوب لبنان من ظهور عسكري علني، بالسلاح والزي العسكري، مثلما كان الوضع قبل الحرب، إلى تواجد تحت غطاء مدني، وأقام بنية تحتية عسكرية، أدار خطوات ترميم وزيادة القوة، استأنف أنشطته العملانية وحتى أنه كثفها تدريجيا”.
وتابع التقرير أنه “على طول الخط الأزرق، وأحيانا من خلال تجاوزه، يسيّر حزب الله بشكل روتيني ودائم دوريات لمجموعات بلباس مدني ومزودة بكاميرات حرفية. وتحت غطاء منظمة تشجير مدنية – ‘أخضر بلا حدود’ – أقام حزب الله 16 موقع مراقبة على الأقل محاذية للحدود، ومواقع كثيرة أخرى تعمل من داخل بيوت خاصة. كما شقّ أنفاق هجومية غايتها تنفيذ توغل مفاجئ وسري إلى الأراضي الإسرائيلية، وتم تدمير ستة منها في عملية ‘درع شمالي’ في نهاية العام 2018”.
التقرير الاسرائيلي أشار إلى أنه مقارنة بقذائف صاروخية يتم إطلاقها من عمق الأراضي اللبنانية، فإن “هجمات موضعية من مسافة قريبة، مثل تفجير ألغام ونيران قناصة وخاصة إطلاق قذائف مضادة للمدرعات، هي ذات قدرة فتاكة في فترات الهدوء. ولذلك، فإنها أيضا ذات قدرة عالية جدا للتسبب بتصعيد، إثر العلاقة المباشرة بين الخسائر البشرية وحجم رد فعل الجيش الإسرائيلي وفتكه، وبينها وبين مستويات التصعيد من جانب العدو، في رد فعله على رد الفعل. كما أنه قياسا بعمليات العمق، التي تجري تحت سيطرة وثيقة بأيدي القيادة العليا، فإن السيطرة على العمليات عند خط التماس ضعيفة وتصل إلى مستوى الجندي الفرد”.
معهد أبحاث الأمن القومي لفت إلى أنه “إثر احتمال التصعيد، ثمة حاجة إلى الحسم بين هجوم استباقي، رغم أفضلياته العسكرية، وبين تأجيله، من أجل استنفاد احتمال الامتناع عن التصعيد، أو لأسباب سياسية. وقد تطالب إسرائيل في المستقبل، بحال التوصل إلى قناعة بأن التصعيد حتمي، بتوجيه ضربة استباقية إلى حزب الله واستنفاد أفضليات المبادرة والمفاجأة. وقدرة متوفرة لدى حزب الله لشن هجوم بري مفاجئ في الأراضي الإسرائيلية تزيد بشكل كبير الضغوط على قادة الدولة من أجل اتخاذ قرار بشأن هجوم استباقي. وإثر المخاطر القائمة من جهة قوات الرضوان على البلدات الإسرائيلية المحاذية للحدود، يزداد وزن الاعتبارات الملحة لاتخاذ قرار مسبق بشأن مهاجمة التهديد قبل تحققه”.
وحسب التقرير، فإن “انتشار حزب الله بمحاذاة الخط الأزرق، الذي يتزايد مع مرور الوقت، ينطوي على مخاطر بالغة تجاه التصعيد وكذلك تجاه الحرب. وسياسة إسرائيل في ‘المعركة بين حربين’ ينبغي أن تدمج بين الاستعداد لحرب محتملة، تشويش تعاظم قوة العدو وإبطائها، خفض التهديدات على إسرائيل إذا نشبت حرب، ولكن ليس أقل من ذلك، تخصيص جهود كبيرة لمنعها. وفي موازاة جهودها ضد مشروع تحسين دقة الصواريخ، على إسرائيل السعي من أجل خفض التهديد القريب من الحدود الشمالية”.
ودعا “معهد أبحاث الأمن القومي”، من خلال التقرير، إسرائيل إلى “توثيق وكشف تفصيلي لانتشار حزب الله ونشاطه العسكري بمحاذاة الخط الأزرق، وجعل هذا الكشف رافعة ضغط على حزب الله وناشطيه والذين يمنحونه المأوى، سواء في القرى أو في صفوف الجيش والحكومة اللبنانين. وفي المستوى السياسي، فإنه من الصواب المطالبة بأن يتركز نشاط قوات الأمم المتحدة في عمق 3 – 5 كيلومترات على طول الخط الأزرق، واشتراط حجم قواتها بأكثر من 10 آلاف جندي. وينبغي بذل جهد لتفكيك مواقع المراقبة التي أقامها حزب الله في إطار ‘أخضر بلا حدود.، ودفع تعريفه كمنظمة إرهابية. كما ينبغي السعي إلى التوقف عن الأخذ بالحسبان ادعاءات ‘منطقة خاصة’ كذريعة لمنع وصول الأمم المتحدة إلى طرق ومناطق مفتوحة أولا، وإلى مبان لاحقا”.
وطالب التقرير الحكومة الإسرائيلية بالعمل مقابل المجتمع الدولي، “وخاصة الولايات المتحدة ودول أوروبية التي موقفها مشابه لموقف إسرائيل، مثل ألمانيا وليس فرنسا، من أجل أن تشترط مساعداتها الاقتصادية والعسكرية للبنان بتقدم حقيقي في الترتيبات الأمنية على طول الخط الأزرق. وتزيد الأزمة الاقتصادية العميقة في لبنان من حاجة حكومة بيروت وحزب الله لمساعدات دولية”.