مرصد مينا
سيكون الرد؟
الإجابة ستقتصر على “نعم”، غير أن للـ “نعم” تلك فضاء واسعاً من الاحتمالات، جزء منها يتصل بالدوافع الشخصية لبنيامين نتنياهو مع فريقه الذي يجاريه، وجزء آخر، ربما يشتغل عليه إسرائيليون ممن يحسبون للغد أكثر ما يحسبون لانفعالات اللحظة، وهؤلاء لابد ويقدّمون الاستشارات والنصائح لرئيس حكومتهم دون الرهان على أن للرجل آذاناً تُصغي.
من الإسرائيليين الذين يقدّمون النصائح لبنيامين نتنياهو رون بن يشاي الكاتب في يديعوت أحرونوت، الذي استهل نصيحته بالقول :”حين نُحضر رداً إسرائيلياً على إيران نأمل من “كابنيت الحرب” أو من الحكومة أن يكون للرد إنجاز يبرر الأثمان التي سندفعها على المستوى الدولي حيال الولايات المتحدة والتحالف الغربي والإقليمي الذي دشن لتوه بناره الأولى وبالمقدرات الأمنية والنفسية التي سيطالبوننا بها”.
ما بعد الاستهلال إياه يذهب الرجل للقول بأن الضربة الإيرانية لمواقع إسرائيلية “تشهد على أن نظام آية الله مقتنع بأن إسرائيل ضعفت عسكرياً ومدنياً، وإيران تعززت عسكرياً بقدر يجعلها قادرة على دخول مواجهة مباشرة من أراضيها مع إسرائيل”.
في كلام كهذا ما يشير إلى أن ثمة خرق حدث، والخرق وقع على ميزان الردع بين إيران وإسرائيل في الوقت الحالي”، دون نسيان أن هذا الخرق لا يلغي ” الفشل المدوي للهجوم الإيراني في تحقيق أهداف تُذكر”، لكنه أي الفشل ليس كافياً؛ فإسرائيل ملزمة أن تثبت في وعي قادة النظام الإيراني بأن المس بها سواء منها أو من وكلائها سيكلف ثمناً باهظاً لطهران”.
والحال كذلك ما النصيحة الأثمن التي تُقدّمها يديعوت لنتنياهو؟
ـ وفق كلام يديعوت “يجدر بنا ألا نتسرع”.. إذن؟
ثمة سبب يدعو كاتب المقال لعدم التسرع، وهو اختيار الهدف. فـ “إسرائيل لا تريد أن تتسبب بحرب إقليمية”.
جوهر الكلمة في هذا الاستخلاص “إسرائيل لاتريد أن تتسبب بحرب إقليمية”.
ـ لماذا لا تريد التسبب بحرب إقليمية وهي دولة الثكنة لا مشتلاً لزراعة الورود؟
ـ لأن.. والكلام ليديعوت:
ـ إدارة بايدن، وزعماء دول أوروبا والدول التي لها علاقات مع إسرائيل في المنطقة يطالبونها بعدم الرد. وإذا ردت، فعلى نحو لا يجرها إلى حرب مع إيران ووكلائها.
ـ لأن التحالف الذي نشأ وتكوّن بسبب الضربة الإيرانية يعد ذخراً، ولإسرائيل مصلحة استراتيجية أولى في استمراره.
ـ لأن عدم توسعة الحرب إلى المدى الإقليمي يسمح لإسرائيل بمواصلة إدارة المعارك في غزة .
بعد حزمة المحاذير تلك، ماحال الرد الإسرائيلي وكيف سيكون؟ وفق نصائح يديعوت:
هناك أربع إمكانيات: الأولى “ضربة موضعية”، بمعنى قصف منشآت إيرانية استراتيجية. في إيران عشرات المشاريع ومراكز بحوث كهذه في المدن الكبرى، أي ضربة قوية قد يكون لها أثر مرغوب فيه، لكن قد يلحق ضرراً جانبياً وقتلاً للمدنيين يحول العطف والدعم السياسي الذي تتمتع به إسرائيل الآن من واشنطن وحلفائها إلى عداء؛ لأن ذلك قد يشعل حرباً إقليمية.
الثانية، وهي من خلال السايبر، بإلحاق شلل واسع لبنى تحتية للمواصلات والطيران والكهرباء وضربة جزئية لإمكانية إنتاج الطاقة، كل هذه هي في متناول يد السايبر الإسرائيلي الهجومي القناتان الثالثة والرابعة سريتان، وإذا ما نفذت عملية من خلالهما فسيكون الموساد المسؤول عنهما، مع أو بدون أخذ المسؤولية وأساساً تصفية مسؤولين كبار في إيران، كانوا مشاركين في إصدار الأوامر وتنفيذ الهجوم على إسرائيل.
بعد كل تلك النصائح التي يقدّمها الكاتب وصحيفته لقيادتهما، يُنهي الكاتب مقالته بالقول:
ـ علينا أن لا نتسرع.. لندع الإيرانيين يتعرّقون.
ثمة الكثير من الغامض فيما نشرته يديعوت، والأكثر غموضاً هو:
ـ ما سيتصل بالعمل الاستخباري لا العسكري، وهو ما يبعث على السؤال:
ـ ما هي الأسماء الإيرانية المطلوب اغتيالها درءاً لمنع اتساع الحرب وتحويلها لحرب إقليمية؟