تونس.. حكومة جديدة وثورة متجددة

بعد أيامٍ على خروج مرشح حركة النهضة السابق لرئاسة الحكومة التونسية، “الحبيب الجملي”، بسبب عدم حصوله على ثقة البرلمان، يقف التونسيون حابسي الأنفاس خلال الساعات القليلة القادمة، من اليوم – الإثنين، والتي من المفترض أن تشهد إعلان الرئيس “قيس سعيد”، عن اسم المرشح الجديد لرئاسة الحكومة، وذلك في خطوةٍ لإنهاء واحدة من أكبر الأزمات السياسية، التي تمر بها البلاد بعد ثورة 2011.

في غضون ذلك، أشارت مصادر مطلعة على سير المناقشات بين الكتل النيابية، إلى أن الملف الاقتصادي كان المسيطر الأبرز على المشاورات التي عقدها الرئيس التونسي، متوقعةً أن يكون رئيس الحكومة الجديد، صاحب خلفية وخبرة اقتصادية، على اعتبار أن كافة الأحزاب المشاركة في المناقشات، أجمعت على أهمية معالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ضمن سلم أولويات عمل الحكومة القادمة.

كما كشفت المصادر أن المباحثات السياسية بين الفرقاء التونسيين، تناولت التحركات الشعبية الأخيرة، وسلسلة المظاهرات، التي شهدها الشارع التونسي خلال الأشهر الأخيرة، والتي كان من بينها مدينة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، التي أطاح بها جسد الشاب “محمد البوعزيزي”، بنظام الرئيس السابق “زين العابدين بن علي”، مشيرةً إلى وجود تخوف لدى الفرق السياسية من إمكانية أن تكون تلك التحركات، بداية ثورة وانفجار شعبي جديد.

ووفقاً لوسائل إعلامية تونسية، فإن من بين المرشحين المحتملين والأوفر حظاً، لتولي رئاسة الحكومة، هم وزيري المالية السابقين، “حكيم بن حمودة” و”إلياس الفخفاخ”، بالإضافة إلى وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي سابقاً “محمد الفاضل عبد الكافي”، خاصة وأن الرئيس التونسي قد استقبل المرشخين الثلاثة في القصر الرئاسي، خلال الأيام القليلة الماضية.

وعلى وقع تشكيل الحكومة وأزمتها، صنف موقع US News and World تونس ضمن أسوء دول العالم من حيث مقاييس الانفتاح الثقافي والتنوع ومناخ الأعمال وجودة الحياة والتاريخ والمواطنة، إلى جانب كل من لبنان وصربيا، وعمان وبلاروسيا، وهو ما عتبر أحد المؤشرات التي توضح الحال التي تعيشها البلاد، منذ سنوات تسع، بعد سقوط النظام السابق، وفي ظل عدة حكومات، تولت حركة النهضة، المقربة من جماعة الإخوان المسلمين، تشكيلها، منفردة او ضمن ائتلاف حكومي.

تزامناً مع ذلك، طرح الكاتب التونسي “مأمون فندي”، في مقالة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط، سؤالاً حول إذا ما كانت أسباب الثورة التونسية لا تزال قائمة حتى اليوم، وذلك في ذكرى الثورة التي امتدت من نهاية عام 2010 إلى كانون الثاني 2011.

وأشار “فندي” في مقالتها، أن السؤال الذي يجب أن يطرح الآن، هل الأسباب التي أدَّت بالشاب التونسي بوعزيزي إلى أن يشعل النار في جسده قد تغيرت بعد كل هذه السنين؟، وهل هذه الأسباب الكامنة يمكن أن تؤدي إلى الاضطراب ذاته الآن، في عهد الرئيس التونسي الجديد قيس سعيد؟ 

واستهل “فندي” مقالته بذكر بعض الإحصائيات حول معدلات الاقتصاد ومؤشراته، موضحاً: “الذي أحرق جسد بوعزيزي وجسد تونس هو الفقر والفجوة الاقتصادية والثقافية والسياسية، بين الأقلية الغنية والسواد الأعظم من الفقراء”.

وأضاف الكاتب: “هذا الفقر وهذه البطالة وأسبابها ما زالت قائمة، ومن دون الجرأة في مواجهة الأسباب الأعمق لمشكلاتنا، ستبقى محركات الربيع العربي موجودة، وقد تنفجر هذه المرة أضعاف ما كانت عليه في عام 2011، وذلك ببساطة لأن نسبة الفقر تحديداً هي أضعاف ما كانت عليه يومها، ولكم في تونس ولبنان وغيرهما عبرة لمن يعتبر”.

وبحسب الدستور التونسي، فإن مرور 4 أشهر على تكليف المرشح الأول لرئاسة الحكومة، دون الوصول إلى التشكيلة الحكومية، وعدم منح أعضاء مجلس نواب الشّعب الثّقة للحكومة، فإن لرئيس الجمهورية الحقّ في حلّ مجلس نواب الشّعب والدّعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أقله 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً.

Exit mobile version