ثورة السوريين تنهي حقبة من القمع والفساد بعد 55 عاماً من حكم آل الأسد

مرصد مينا

بعد أحداث متسارعة استمرت 11 يوماً فقط، تمكن السوريون فجر أمس من تحقيق إنجاز تاريخي درامي، حيث أسقطوا نظام بشار الأسد الذي حكم البلاد بقبضة من حديد على مدار 25 عاما على وراثته للحكم خلفا لأبيه و14 من الثورة ضد نظامه.

ورغم العنف المفرط الذي استخدمه النظام منذ بداية الاحتجاجات السلمية، والذي تصاعد من القمع والقتل والاعتقال إلى عمليات إبادة جماعية وتغيير ديمغرافي وتطهير طائفي، إلا أن السوريين تمكنوا من إسقاط النظام.

وعلى مدار 14 عاما شهدت سوريا تدخلات عسكرية أجنبية التي دمرت المدن وشرّدت الملايين، فضلاً عن محاولات دولية وكذلك عربية التي حاولت بالطرق الدبلوماسية، إلى إطالة عمر نظام ميت سريرياً.

بعد 55 عاماً من تأسيسه، انهار نظام آل الأسد(حافظ الأسد الآب 30 عاما والأبن 25 عاما) فجأة مثل تمثال هش، بعدما فاجأت فصائل المعارضة السورية، وخاصة تلك القادمة من الشمال، العالم باقتحام مدن حلب وحماة وحمص.

وسيطر مقاتلون من أطياف مختلفة على مناطق عدة في جنوب سوريا، مثل درعا مهد الثورة السورية، والتي تعرضت لقمع وحشي، ومحافظة القنيطرة التي كانت مهملة لعقود، وكذلك محافظة السويداء التي شهدت احتجاجات مستمرة منذ عام 2022.

ومع تقدم مقاتلي المعارضة من الشمال والجنوب نحو العاصمة دمشق، فاجأت أرياف دمشق وبعض أحيائها التي تعرضت لظروف قاسية من العسف خلال بداية الثورة، الجميع بالانتفاضة والسيطرة على مراكز حيوية، مثل المربع الأمني، رئاسة الأركان، الإذاعة والتلفزيون، والقصر الجمهوري.

وفي لحظات سقوط النظام، أعلن الإعلام الرسمي عن هروب الأسد، فيما تحدثت مصادر عن محاولته الهروب بطائرة باتجاه الساحل السوري، قبل أن تختفي عن شاشات الرادار، ليتم لاحقًا تأكيد لجوئه وأسرته إلى روسيا.

تعد نهاية النظام التراجيدية نقطة فارقة في تاريخ سوريا والمنطقة. على الرغم من أن النظام كان يردد طوال فترة حكمه شعارات الوحدة، فقد كان في الواقع مروجاً للعداء تجاه جيرانه العرب، ومارس البلطجة والإرهاب في لبنان والأردن والعراق، إضافة إلى إحداث شرخ طائفي في المجتمع السوري. كما شكل النظام استعصاءً سياسيًا داخليًا وخارجيًا لم يكن يحتمل.

لقد ترافق القمع والظلم الذي عاشه السوريون تحت حكم الأسد مع شعورهم باليأس من إمكانية تحرك العالم لصالحهم.

وقد تجسد هذا اليأس في تحوّل شعاراتهم من إسقاط النظام إلى “ما إلنا غيرك يا الله”، وسط مشهد من التفاؤل الذي كان يظهر في تطبيع العلاقات بين النظام والمجتمع الدولي.

وعانى السوريون من أكبر موجة نزوح بشري في العصر الحديث، حيث نجح أكثر من مليون منهم في الوصول إلى أوروبا، بينما بقي نحو 8 ملايين في مخيمات في تركيا والأردن ولبنان والعراق، أو في مناطق داخل سوريا نفسها تحت ظروف قاسية.

إن سقوط النظام السوري يفتح أبواباً لفرص جديدة، ليس فقط للسوريين الذين سيعود العديد منهم إلى مدنهم وقراهم التي هجّروا منها، بل أيضاً للدول المجاورة التي ستتحرر من الهيمنة الأسدية.

سيكون لبنان قادراً على التخلص من النفوذ الطائفي والإجرام، بينما ستتوقف عمليات تهريب المخدرات والتهديدات ضد الأردن. كما ستساهم العلاقات الجديدة بين سوريا وتركيا، وسوريا والدول العربية والغربية، في استعادة التوازن الإقليمي.

إن إسقاط نظام الأسد يمثل بداية جديدة للمنطقة والعالم، ويعد يوم 8 كانون الأول/يناير 2024 حدثاً سيتغير بفضله شكل المنطقة بأكملها.

Exit mobile version