مرصد مينا – هيئة التحرير
لقي 20 مهاجرا أفريقيا حتفهم، اليوم الخميس، حتفهم بعد غرق مركبهم قبالة سواحل محافظة صفاقس التونسية بينما كانوا يحاولون الإبحار باتجاه سواحل إيطاليا.
وقال مسؤول أمني إن قوات خفر السواحل أنقذت 5 مهاجرين بينما يجري البحث عن نحو 20 مهاجرا آخر كانوا على متن المركب الذي كان يُقل حوالي 45 شخصا، وفقا لروايات الناجين.
وكانت سواحل قرقنة، قد شهدت في يونيو الماضي غرق مركب مهاجرين غير شرعيين تسبب في وفاة قرابة 60 مهاجرا.
وكشفت وزارة الداخلية التونسية، عن إحباط أكثر من 30 عملية هجرة غير شرعية وإلقاء القبض على 262 مهاجرا.
ونشطت الهجرة غير الشرعية بشكل مكثف عقب فترة الإغلاق الأولى التي رافقت انتشار وباء كورونا في الربع الأول من العام الجاري، وبلغت ذروتها خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين.
وياتي الافارقة الى تونس للعمل فيها، ومنها يحاولون تدبير مبالغ مالية تخول لهم التسلل الى أوروبا عبر سواحلها.
المهاجرون الافارقة
وقد تضرر المهاجرون الافارقة من دول جنوب الصحراء في تونس كثيرا جراء اجراءات الحجر الصحي الشامل الهادفة الى محاصرة تفشي فيروس كورونا، مثلهم مثل عديد الفئات الاخرى في تونس سواءا من المواطنين او المقيمين او غير النظاميين. حيث فقد العديد منهم عملهم وبات آخرون في العراء بسبب عدم قدرتهم على خلاص ايجار السكن، بالإضافة الى صعوبة التعامل مع فئة من الافارقة جنوب الصحراء والذين لا يملكون اوراقا ثبوتية او ممن ينتظرون اجراءات اللجوء الى أوروبا. رغم مبادرات الحكومة والمجتمع المدني لفائدة هؤلاء المهاجرين الا أن وضعيتهم ظلت صعبة خاصة بالنسبة للفئة الأكثر هشاشة، ووجد هؤلاء انفسهم مجبرين على ركوب المخاطر ومحاولة خوض غمار الهجرة غير النظامية، فانتهى الامر بالبعض منهم في عرض البحر، حيث غرقت مراكبهم المهترئة والصغيرة.
وتواجه تونس ظاهرة بدأت محددودة، ثم انتشرت في السنوات الثلاث الماضية، وتتمثل في وفود اللاجئين من أفريقيا.
ويفيد تقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأميركي عن الهجرة في دول شمال أفريقيا، إلى أن عدد اللاجئين في تونس يبلغ 70 ألفاً، يمثلون جنسيات أفريقية عدة.
صعوبة الهجرة الى أوروبا
وتفيد المعطيات المتوفرة انن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الافارقة، إلى تونس تضاعفت في السنوات الماضية، بحثاً عن وسيلة تحملهم إلى شواطئ شمال المتوسط، لكن صعوبة الهجرة في اتجاه أوروبا حولت وجهتهم إلى الاستقرار في تونس والبحث عن فرص عمل فيها، ويقيم غالبيتهم بشكل غير شرعي، ويعملون في ظروف قاسية، نساءً ورجالاً، وأكثر من 90 في المئة منهم لا يتمتعون بالتغطية الصحية وتنتهك حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى عدد من المتابعين والخبراء، ان هناك سبباً اقتصادياً أساسياً وراء تدفق المهاجرين، ووصول المهاجرين إلى تونس كان بهدف تحويلها إلى محطة انطلاق نحو دول أوروبا، وكثيرون منهم استقروا في تونس، وتحولت وضعيتهم بيد تونسيين إلى مجال للمتاجرة بهم بمشاركة عدد من أبناء جلدتهم الذين يقومون باستقدامهم بطرق غير مشروعة إلى تونس عبر الحدود مع الجزائر وليبيا. والمشكلة اليوم في تونس هي كيف تعاملت وستتعامل معهم، خصوصاً أن النساء يعملن معينات منزليات والرجال في مهن البناء والمطاعم ومهن هامشية، وليس لهم أي ضمان صحي أو اجتماعي، وليس لهم الحق في الحصول على بطاقة إقامة رسمية. ان ما يجري هو استغلال كبير لهؤلاء المهاجرين، ومن الضروري البحث عن آليات تضمن لهم الحق في الإقامة الشرعية والعمل والضمان الصحي.
ويحاول بعض الافارقة الموجودين في تونس، تسوية أوضاعهم لكن هذا شبه مستحيل، ويحتاج إلى كثير من المال. فهناك آلافاً من الافارقة يعيشون الظروف نفسها ويعملون في مهن مختلفة من البناء إلى العمل في المطاعم وغسل السيارات، أما الفتيات فيعملن عاملات نظافة في الشركات أو معينات منزليات ورغم طول اقامتهم في تونس، الا ان وضعياتهم ظلت على حالها ولم تتغير.
ويخضع كل الأجانب الوافدين إلى تونس لقانون يعود إلى سنة 1968 المتعلق بحالة الأجانب بالبلاد التونسية، ويعرّف هذا القانون بمن تعتبره الدولة التونسية مواطناً أجنبياً، وبشروط دخول تونس، والموانع التي تقتضي طرد الأجانب والعقوبات المقررة للتونسيين عند إيوائهم للأجانب بشكل غير قانوني. كما نص هذا القانون على جملة من الشروط للعمل في تونس والحصول على تراخيص إقامات مؤقتة أو دائمة.
اكثرهم من افريقيا
وتشير بيانات الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة الأكثر تمثيلاً في تونس) إلى أن عدد العمال الأفارقة في تونس يفوق الـ 700 ألف، وقد تضاعف في السنوات الثلاث الأخيرة بسبب تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين ممن كانوا يعملون في ليبيا.
واعتماداً على آخر نتائج الإحصاء العام للسكان، فإن 53 ألف أجنبي يقيمون في تونس بشكل قانوني أي لديهم بطاقات إقامة صادرة عن مصالح وزارة الداخلية. وتقدّر مصادر بالمعهد الوطني للإحصاء عدد الأفارقة في تونس بـ 7320 مقيماً ، حوالي 21 في المائة منهم ينخرطون في العمل في مجالات عديدة.
في المقابل، تقول منظمات للهجرة إنه لا يمكن تحديد عدد العمال الأفارقة في تونس باعتبار أن جلهم يقيمون بطريقة غير شرعية وهم عادة من الذين اختاروا تونس كمحطة عبور إلى أوروبا، وبالتالي يعملون في البلاد بشكل عرضي في انتظار توفر فرصة للمغادرة إما بشكل قانوني أو خلسة إلى إيطاليا.
وتؤكد منظمة “تونس أرض الهجرة واللجوء”، أنها تلقت ما يناهز 410 شكاوى تتعلق بسوء المعاملة والاستغلال المفرط تعرض لها عمّال أفارقة في تونس، منها 50 حالة اتجار بالبشر. وأفادت المنظمة في بيانات نشرتها بأن بعض العمال يعانون من وضع صعب يثير أكثر من سؤال حول الواقع الحقوقي الذي يعيشه العامل الأجنبي (الأفريقي) المقيم في تونس.