جزّارون في بطن جزار طهران

مقتل الفتاة “مهسا أميني”، فتح أبواب المقبرة الإيرانية، تلك التي تثابر قوات النظام الإيراني على تزويدها بالجثث مع كل فجر وكل مساء، وكان من تفاصيل موتها أن ٌ قوات الشرطة الإيرانية القت القبض على هذه الفتاة بتهمة  عدم مراعات شروط الحجاب وكانت النتيجة أن قتلت الفتاة تحت التعذيب وهي لم تتجاوز الثانية والعشرين من العمر.

مقتل هذه الفتاة فتح النوافذ على مسألة حقوق الإنسان المهدورة في طهران، حتى حملت الصحافة العالمية عناوين بالغة القسوة ومن بينها عنوانًا لافتًا للـ “صنداي تايمز” وتقرير لماثيو كامبل بعنوان “جزار طهران يواجه عقابا رمزيًا على جرائم القتل الجماعي أثناء زيارته للأمم المتحدة”.

ما هو العقاب الرمزي الذي واجهه جزار طهران؟

هو سؤال يأتي ملحٌقا لمجموعة من الوقائع الكفيلة بالغثيان ومن بين الوقائع إن زارا أفشاري، التي تعمل في مجال الإغاثة ، ارتدت جهازا لإعانتها على السمع وحذاءا طبيا بسبب تضرر أذنيها وقدميها من الضرب المبرح قبل سنوات في إيران.

وفي الوقائع  أنها سُجنت هي وزوجها الشاعر وليلى، ابنتهما البالغة من العمر عامين، التي اعتادت رؤية والدتها وأبيها معصوبي العينين بين جلسات التعذيب.

وقالت أفشاري، 66 عاما إنه عندما أطلق سراح ليلى بعد شهرين لتقيم مع جدها وجدتها “استمرت في محاولة عصب أعين رفقائها في اللعب”، حيث كانت تعتقد أن ما يحدث لوالديها لعبة. وبعد أربعة أعوام فرت زارا وابنتها إلى بريطانيا عام 1991.

في تقريرها تقول الـ “صنداي تايمز”  إن زوجها لم يتمكن من الفرار، فقد كان واحدًا من 30 ألف سجين تم شنقهم في عام 1988 بناءً على أوامر ما يسمى “لجنة الموت” برئاسة إبراهيم رئيسي، الملقب بـ “جزار طهران”، الذي أصبح الآن رئيسا لإيران.

ومن المتوقع أن يقوم رئيسي بزيارة نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تقول الـ “صنداي تايمز”  إن ضحاياه يشعرون بالفزع من أن “قاتلًا مثله، لم ينكر أبدًا مسؤوليته عن عمليات الإعدام، ووصفها بأنها “أحد الإنجازات التي يفتخر بها النظام” سمح له بدخول الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وتضيف  الصحيفة أن الكثير من الأمريكيين يتفقون مع ذلك الرأي.

من بين المتوافقين على هذا الرأي وفق الصحيفة  مايكل موكاسي، المدعي العام السابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش: “رئيسي قاتل بدم بارد، ليس هناك شك في ذلك لقد أذن مباشرة بارتكاب جرائم قتل”.

ويضيف أن رئيسي يُشتبه أيضا في أنه العقل المدبر لمؤامرات الاغتيال الأخيرة على الأراضي الأمريكية، وربما حتى في طعن سلمان رشدي، الروائي البريطاني الأمريكي المولود في الهند، في ولاية نيويورك الشهر الماضي. ولكن بموجب اتفاقية عام 1947 مع الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة ملزمة كدولة مضيفة بالسماح للمدعوين لحضور الاجتماعات.

ستيفن شنيباوم محامي حقوق الإنسان، أعرب للصحيفة عن أمله في أن تذكر الزيارة العالم بجرائم رئيسي السابقة. وقال إنه سيمثل أفشاري والعديد من ضحايا النظام في قضية مدنية ضد رئيسي بتهمة القتل الجماعي.

بين السماح لـ “رئيسي” بالوصول إلى مقعد بلده في هيئة الأمم، ورفض منحه تأشيرة دخول، تتعالى الأصوات، ولكن من ذا الذي قال بأن السلطات الإيرانية ستلتفت إلى أي موقف أممي منها؟ ومن قال أنها ستأخذ الرأي العام العالمي بالميزان؟

القتل مستمر في طهران، والجزارون يستولدون الجزارين، فإذا ماكان “رئيسي” هو الواجهة اليوم، فكم من جزار يختبئ في بطن جزار طهران؟

في ماتريوشكا الدمية الروسية الشهيرة، تختبئ دمية في جوف دمية.

في لعبة المجزرة الإيرانية يختبئ جزار في بطن جزار.

Exit mobile version