حروب أمّها الفساد وكذلك أبيها    

ستزداد أعداد اللاجئين في هذا العالم، مرة بسبب الجوع والفقر وانقطاع السبل، وثانية لأسباب حرب الجار مع الجار والصواريخ العابرة للقارات، ومع كل سبب يكون السبب الأول المنتج للسببين السابقين:

ـ الفساد.

تجوع الأمم من فساد حكّامها ولولا هذا لما جاع الصومالي صاحب  اليورانيوم، الجبس، القصدير، النحاس، البوكسيت، خام الحديد، الملح، ولولاه لما جاع السوداني ملتقى النيلين الأبيض والأزرق، ولولاه لما انتُهِك اللبناني صاحب الأرز والمياة والمتوسط، ولولاه لما خربت سوريا، وامتدت البنادق بمواجهة البنادق ليكون الحسم بالبراميل المتفجرة وبالكيماوي.

هو الفساد، وللفساد أذرع وأذرع، بما يتجاوز الأفراد ليطال المجموعات والأمم ومعه ديمومة الحروب والقتل والهجرة التي قد تتحول إلى ماكينة قاتلة وهذه الحروب إن توقفت في مكان فلابد وتنهض لتجدد في مكان آخر.

واليوم، العالم كل العالم  يرى في مشكلة اللجوء المشكلة الأولى، وسيكون للجوء السوريين أولوية لن تنحيها مسألة اللجوء الأوكراني، والعالم يصرخ، وهو يصرخ دون أن يفعل شيئًا تجاههم حتى بات لجوئهم صيغة أبدية ليس ثمة نافذة لعودتهم واستعادة بلادهم، فلا حلّ سلسي في الأفق، وعودتهم لابد وتتطلب حلاً سياسيًا، يزيل عن كاهل السوري كوابيس نظام اشتغل على الفتك بحرياتهم وأرزاقهم وليس ثمة ثغرة في جدار عنف نظام شرطه الفساد وأداته الاستبداد  ليهجر الناس بيوتهم وأرضهم، ومعه يحتل مواطن أرض مواطن وتنزاح الديمغرافيات بما ينقل المسألة اليوم من حرب مع النظام، لحروب مستقبلية لابد وستكون أشد وطأة من حروب االأمس ومثالها سؤال قد تستعصي استجابته:

ـ ما الذي يفعله الغوطاني وقد رُحّل من غوطة دمشق ليحتل “عفرين” ومع النزوح يتحوّل من محتلة أرضه إلى محتل لأرض الغير؟

وهذا مثال واحد من أمثلة الحرب بتداعياتها، فيما الإيراني يحتل ويوطّن، ويزيح سكان ليُحِل سكانًا، ومع كل نزوح وإحلال تزيد المسائل  تعقيداتها، ولا حل حتى اللحظة ينبؤ بتسوية ما، أو خطة ما، دون نسيان ما قد  يسبب اللجوء للدول المضيفة إن كانت بالأساس عاجزة حتى عن حمل سكانها وهذا لبنان يقدّم المثل، فالاعمى لايقود أعمى، والمفقر لايحمل فقيرًا، فإذا ما انفجرت مشكلة اللاجئين فيه فقد تقود إلى حرب أهلية بمقدمات تأخذ مظهر القلاقل الأمنية.

ماهي الحلول؟

ليس ثمة حلّ واحد حتى هذه اللحظة سوى “ترك المسألة تتعفن”، ومع عفونتها، يموت ناس، ويجوع ناس، وتتحول الخيم إلى مقابر، فيما البنادق تتجهّز.

هي الكارثة الأكبر من الحرب، والمولود الأكثر تشوّهًا وعنفًا من الحرب.

هي مولود الحرب الاكثر دموية وبشاعة من مولدها.

Exit mobile version