حزب الله.. الجثة التي تمانع الدفّان

زاوية مينا

تلك الجثة ترفض أن تُدفّن، هذا حال حزب الله، والحال هذا يرتّب الكثير عليه، وعلى جمهوره وعلى لبنان كل لبنان، فهو جثة ما بعد انتزاع كل عوامل القوّة لديه بدءاً من سلاحه الثقيل، مروراً بقطع خطوط الامداد عنه عبر قطع طريق دمشق / بيروت، وأخيراً تطويق طهران بما يدفعها تجثو أمام الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية والتي تعني خيارات صعبة بالنسبة لإيران.

فالحرب إذا ما كانت، لابد وتعيد حكاية العراق مع عناد صدام حسين، وإذا ما استسلمت للضغوط الأمريكية فهذا يعني اليتم النهائي لأذرعها، وحزب الله اكثر الأيتام انهياراً في أيّة مواجهة مقبلة، وهو المحاط برفض لبناني ومن مجموع القوى والأحزاب اللبنانية، كما أن بيئته إن لم ترفضه اليوم فمآلها رفضه في الغد، أقلّه وقد أضاع وعده لهذه البيئة، وهو الوعد القائم على بعدين:

ـ بعد المقاومة.

وبعد الطحين، ومع البعد الثاني فثمة مئة الف عائلة من البيئة الشيعية ستجد نفسها بلا مصدر رزق وقد باتت صناديق حزب الله المالية خاوية ما بعد إغلاق صنبور المال الإيراني عبر إغلاق الطريق عليه، وهنا سيكون السؤال:

ـ ما الذي تبقّى لحزب الله؟

إذا كانت “المقاومة” فهذه القوات الإسرائيلية تتمدد في الجنوب اللبناني كما في سماء لبنان، ودون أي حول أو قوّة لحزب الله في مواجهة هذا التمدد، وإذا كانت المقاومة عاجزة عن مواجهة إسرائيل فسيكون السؤال اللاحق:

ـ والحال كذلك ما معنى التماطل، أو التمنع عن تسليم ما تبقى من سلاحه إلى الدولة اللبنانية ليوفر على البلد المزيد من الحصار والمزيد من الخسائر، مع احتمالات واسعة لقيام إسرائيل بالمزيد من الاغتيالات والمزيد من الأعمال الحربية التي تجعل بلداً قابلاً لتجديد الحياة، بلداً تستعصي عليه الحياة وقد افتقد أمنه، واهان دولته، عبر صيغة الدولة داخل الدولة؟

كل من يقرأ الصيغة اللبنانية، يُدرك بالتمام والكمال تخلي حلفاء الحزب عنه، إما بالصوت المرتفع، وإما بالمواربة، بما جعله حزباً ليس له من يبكيه، وكل من يقرأ الصيغة الإقليمية يعرف بالتمام والكمال، أن انتزاع سلاح الحزب، هو مطلب يجنّب المنطقة المزيد من التوترات والحرائق، وفوق هذا وذاك، فإن كل من يقرأ حال الحزب من داخله، يدرك التشققات العميقة داخل هذا الحزب، بما يسمح بانشطاره إلى فصائل متحاربة، انفرط عقدها ما بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله.

فيما العناد والمماطلة عن إنجاز تسليم سلاحه للدولة اللبنانية، فهو ليس أكثر من تأجيل دفن هذا الحزب ما بعد أن باتت الحياة أمامه مستحيلة، فيما تحوّله إلى حزب مدني بلا جناح عسكري، قد يسمح باستعادته للحياة، في صيغة تستكمل حياة لبنان، هذا اذا ما اتجه الحزب للحياة اللبنانية، نافضاً عنه ميراث قاسم سليماني وتوريط البلد، كل البلد بما لم يختره الناس، وبما تسبب من خراب، أبرز علاماته في الجنوب اللبناني، الذي كلّما عُمّر، أعاده الحزب إلى الخراب.

المهلة لم تعد واسعة، والمماطلة لم تعد مجدية، اما الإنكار بوصفه واحداً من استراتيجيات حزب الله، فقد استنفذ أسبابه وشروطه ولم يتبق أمام الحزب سوى أن يسلّم سلاحه للدولة اللبنانية مرفقاً بالقول:

ـ سامحوني.
وسيسامحه اللبنانيون.

Exit mobile version