مرصد مينا
المطلوب استعادة الدور، لا بالتقسيط وإنما بالجملة، هذا ما يسعى إليه حزب الله في لبنان دون نسيان أن “عدّة الشغل” تبدأ بإنتاج الأزمة ومن ثم تفويضه بحلها، فأن تتسلل مجموعة مسلحة لتعبر الحدود السورية اللبنانية، ومن ثم تهاجم السفارة الأمريكية، فذلك سؤال كبير، يتحمل الكثير من القراءات، فـ :
ـ مهاجمة السفارة الأمريكية يعني مهاجمة واحدة من أكبر السفارات الأمريكية بالعالم، بل والأكثر تحصيناً بما يساوي التحصينات المشادة حول السفارة الأمريكية في العراق، وما يعني أن هدف مهاجمة السفارة إياها ليس سوى عملية إعلامية تقول:
ـ نحن هنا.
الـ “نحن” في هذه الحالة ستلصق بـ “داعش” أو بجماعات إسلامية تقول باستهداف إسرائيل، وقد تحمل اسم “داعش”، لتكون الصفقة اللاحقة مع “حزب الله” باعتباره الأقدر على مواجهة هذا التنظيم، وبالتالي تفويضه بمواجهة التنظيم الذي هو “من منتجات” حزب الله.. “ننتجه لنحاربه”، وبذلك يجدد حزب الله دوره، وهو الأمر الذي تعجز بقية القوى اللبنانية بمن فيها “الجيش اللبناني” عن مواجهته.
هي لعبة إنتاج الخصم، لتجديد إنتاج الدور، أقله هذه قراءة معظم اللبنانيين، إعلاميين / سياسيين، وناس الشارع وقد باتوا يقرأون السياسة دون الاتكاء على مراكز أبحاث.
هي رسالة أيضاً، للإدارة الأمريكية، مفادها أن لبنان سيكون ساحة مفتوحة بمواجهة المصالح الأمريكية تعيد الذاكرة نحو مهاجمة المارينز بداية ثمانينات القرن الفائت، وهي ذاكرة دامية بالنسبة للأمريكان لن يكون بمقدورهم احتمال إعادتها ثانية، بغض النظر عن النتائج العسكرية لعملية اليوم التي لم تزد في نتائجها الأمنية عن عملية صوتية أخرجت سكّان الأبنية المحيطة بالسفارة إلى الشرفات، كما تسببت بإطلاق الجيش لحواماته الهليوكوبتر سعياً لاستطلاع المكان.
بالنتيجة هي رسالة من الصعب إعفاء حزب الله من أن يكون وراءها، فكل المؤشرات والقراءات تفيد بضلوعه خلفها، وأبرز المؤشرات أن مجموع المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية السورية، هي معابر برعاية حزب الله وإشرافه، بما يجعله قادراً على مراقبة هذه الحدود والتحكم بها في الذهاب وفي الإياب، وبما يجعل قبضته مسيطرة على هذه الحدود بدءاً من التقاطه لأحمال الكبتاجون وصولاً لقوافل السلاح.
عملية مهاجمة السفارة الأمريكية فجر اليوم، أطلقت المزيد من التوقعات والأسئلة، بما جعلها تنعكس على مروحة واسعة من الأسئلة:
ـ أسئلة تتصل بواقع اللجوء السوري في لبنان، بما جعلها جبالاً من الردم تتساقط على الوجود السوري في لبنان لتطال كل سوري مقيم على أرضه.
ـ أسئلة تتصل بقدرة حزب الله على توسيع دائرة معركته ودوره مستعيناً بـ “راجح” وراجح هنا هو الشخصية المجهولة التي طالما استثمر فيها حزب الله وقد حمل راجح ذات يوم تسمية “أبو عدس”.
والأكثر من هذا وذاك إعادة التأكيد بأن سلم لبنان وحربه لن يكونا سوى بإدارة حزب الله الأكثر قدرة على إنتاج الجريمة ومن ثم الأكثر مقدرة على تحويلها إلى:
ـ الفاعل المجهول.