حزب الله في مأزق: هل تتحول التهديدات إلى صدام داخلي أم انسحاب سياسي؟

مرصد مينا

لا يزال صدى التصريحات الأخيرة لأمين عام حزب الله، نعيم قاسم، يتردد في الشارع اللبناني وعلى منصات التواصل ووسائل الإعلام، خاصةً بعد تلويحه بإمكانية اندلاع حرب أهلية في حال تم المساس بسلاح الحزب.

هذه التهديدات أعادت إلى الأذهان الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) التي عانى اللبنانيون من تداعياتها لسنوات، ما أثار موجة من القلق والتساؤلات حول خيارات حزب الله المستقبلية.

ردود الفعل الرسمية والسياسية

توافدت الردود الرسمية والسياسية من مختلف الأطراف، بدءاً من رئيس الحكومة نواف سلام وصولاً إلى عدد من الوزراء والنواب، وسط تزايد التساؤلات حول ما يمكن أن يفعله الحزب في المرحلة المقبلة.

بدورها، اعتبرت حركة القوات اللبنانية أن التهديدات الصادرة عن حزب الله لا تشكل خطراً حقيقياً، معتبرة أن الحزب “لا يمتلك القدرة على تنفيذ هذه التهديدات”، وأنه “غير قادر على الرد على أي ضربات إسرائيلية، ولن يتمكن من تهديد لبنان”.

وفي السياق ذاته، أشارت زيارة علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى لبنان قبل خطاب قاسم، إلى أن المسؤول الإيراني فوجئ بتماسك الموقف اللبناني تجاه التدخلات الخارجية وسلاح الحزب.

التحليلات السياسية: هل هو مجرد ضجيج؟

اعتبر النائب السابق والسياسي فارس سعيد أن تصعيد حزب الله مجرد “هوبرة”، أي ضجيج إعلامي بلا تأثير حقيقي، مشيراً إلى أن أي تحرك للحزب في الشارع سيواجه بمقاومة شعبية من شارعين آخرين يمثلان غالبية اللبنانيين.

من جهته، رأى المحلل السياسي علي الأمين أن الحزب بات في “مأزق” بسبب محاولته الانتقال من حزب عسكري إلى حزب سياسي، رغم موافقته على بعض بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل حصر السلاح.

أما المراقبون الآخرون، فيشيرون إلى أن الحزب قد يلجأ إلى خطوات تصعيدية سياسية، مثل سحب الوزراء الأربعة المحسوبين عليه وعلى حليفته “حركة أمل”، أو تعطيل عمل البرلمان عبر كتلة نوابه وحلفائه.

كما يمكن أن يسعى إلى إشاعة الفوضى من خلال تحريك مناصريه في الشارع والظهور المسلح، بهدف الترهيب وخلق اصطدام مع الجيش اللبناني، لكن أي صدام داخلي سيكون له تداعيات كبرى على السلم الأهلي، وقد يقلب الأغلبية اللبنانية ضده.

وفي هذا السياق، قال الباحث في الشأن اللبناني لدى مجموعة الأزمات الدولية، دايفيد وود، إن حزب الله يسعى لتقليل احتمال مواجهة الجيش اللبناني، لأنه يدرك أن البلد بأكمله سيكون ضده، باستثناء مؤيديه، وهو ما سيشكل كارثة على صورته العامة.

السيناريو العسكري: مواجهة إسرائيل

يمكن للحزب أن يصعّد مجدداً ضد إسرائيل، لكن أي حرب سيكون مدمراً عليه، وفق ما يوضح المحلل العسكري رياض قهوجي، خاصة أنه فقد الكثير من قدراته اللوجستية والاستخباراتية بعد انهيار النظام السوري السابق.

وأكد الباحث في مركز “أتلانتيك كاونسل”، نيكولاس بلانفورد، أن حزب الله سيحاول “كسب الوقت” في المرحلة المقبلة، مستحيلًا أن يوافق على نزع سلاحه بالكامل، خاصة في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية وعدم انسحاب القوات من التلال الجنوبية اللبنانية.

السيناريو الأكثر تفاؤلاً

على الجانب الأكثر تفاؤلاً، يمكن أن ينتهي الحزب بالموافقة على نزع سلاحه تدريجياً، والانخراط في العمل السياسي، على غرار الميليشيات التي شاركت في الحرب الأهلية واندمجت لاحقاً ضمن الدولة.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أقرت قبل نحو أسبوعين حصر السلاح بيد الدولة، وكلفت الجيش بوضع خطة لتسليم سلاح حزب الله، على أن تُقدّم أواخر الشهر الحالي ويُنفّذ تنفيذها مع نهاية عام 2025.

ورغم رفض الحزب هذا القرار واعتباره “غير موجود”، نفذ أنصاره ومؤيدوه مسيرات بالدراجات النارية في مناطق مختلفة دعماً للحزب ورفضاً لقرار الحكومة.

Exit mobile version