مرصد مينا – هيئة التحرير
“مصلحتنا فوق أي اعتبار” لعله يكون الشعار الأقرب إلى الواقع الذي تعمل ميليشيا “حزب الله” وفقه، حيث دأبت على مدار عقود على العبث بأمن لبنان واقتصاده، بدءاً من الهيمنة على الدولة بقوة السلاح، مروراً بتجارة المخدرات، وانتهاءً بعمليات التهريب، التي تحولت إلى مادةٍ دسمة لوسائل الإعلام المحلية، خاصةً بعد فضيحة تهريب المازوت والطحين والعملات الأجنبية إلى الداخل السوري، دون الاكتراث بالأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان.
الجيش اللبناني اعلن مؤخرا عن ضبط صهاريج وشاحنات تهريب على الحدود اللبنانية – السورية الشمالية والشرقية، كانت في طريقها إلى الداخل السوري.
قيادة الجيش، أوضحت في بيان لها، إن وحداتها “ضبطت 10 صهاريج و3 سيارات محمّلة بنحو 215000 ليتراً من مادة المازوت، كما ضبطت شاحنتين و4 سيارات محمّلة بحوالي 71 طناً من الطحين، في الفترة الممتدة بين 7 و14 أيار الجاري”، مشيرة إلى أن وحداته الجيش أوقفت، خلال تلك العمليات، 25 شخصاُ، وأحالتهم مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة، كما أكدت عزمها اتخاذ الإجراءات الضرورية لضبط الحدود ومنع التهريب عبر المعابر غير الشرعية.
فضيحة التهريب وما تلاها من صد ورد بين الأطراف اللبنانية، دفعت الحكومة إلى اتخاذ قرار بإغلاق المعابر غير الشرعية على الحدود البرية مع سوريا، إذ أصدر المجلس الأعلى للدفاع اللبناني قراراً ينص على تشديد ضبط ومراقبة الحدود، بهدف منع عمليات تهريب البضائع إلى سوريا، وذلك بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية عن قيام ميليشيا “حزب الله” بتهريب مادتي المازوت والطحين إلى سوريا، عبر المعابر غير الشرعية في بعلبك والهرمل، مكبداً الخزينة اللبنانية خسائر تقدّر بملايين الدولارات، لاسيما وأن المصرف المركزي يتكفل بتأمين نسبة 85% من النقد الذي تحتاج إليه السوق اللبنانية لاستيراد هاتين المادتين.
قار المجلس الأعلى أثار غضب الأمين العام للميليشيا حسن نصر الله، على اعتبار أنه سيحرمها من موارد مالية كبيرة من جهة، كما سيحد من حركة نقل الأسلحة والمقاتلين من جهة أخرى.
فشل المفاوضات
رفض ميليشيا “حزب الله” لإغلاق المعابر بشكل علني، واشتراطها التنسيق مع نظام الأسد لضبط الحدود، تزامن مع مفاوضات تجريها الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، بغية الحصول على دعم مالي يمكّن البلاد من الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي.
هذا الرفض تُرجم على أنه رسالة واضحة من الميليشيا مفادها أن ورقة المعابر بيده، وأنه يريد نسف المفاوضات، خاصة وأن صندوق النقد اشترط على لبنان إيقاف عمليات التهريب، وإغلاق المعابر غير الشرعية، ونشر قوات دولية لمراقبتها. وقد ردّ النائب نديم الجميل على الرفض قائلاً “نصر الله يشيطن أي قرار يخدم لبنان ويعتبره مضراً بمصلحته، لا يا سيد لا خلاص ولا قيامة قبل حل مشكلة السلاح المهيمن على الدولة وسيادتها”.
لبنان على حافة الهاوية
تعنت ميليشيا “حزب الله” قد يدفع لبنان إلى الهاوية، ففي حال فشل المفاوضات تكون الميليشيا قد حرمت البلاد من أكثر من 20 مليار دولار، ما سيفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، والتي تعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، خاصةً في ظل تراجع سعر صرف الليرة، الذي تجاوز عتبة الأربعة آلاف مقابل الدولار، وارتفاع معدلات الدين العام إلى 90 مليار دولار أمريكي مقابل انخفاض معدل النمو في العام الماضي، إلى ما دون صفر في المئة، ما جعل لبنان ثالث أكبر مديونية في العالم، وهو ما ينذر بموجة فقر بين اللبنانيين الذين بات أكثر من 45% تحت خط الفقر.
ليس وليد اللحظة
في سياق الحديث عن التهريب عبر المعابر غير الشرعية، لابد من الإشارة إلى أنه على الرغم من تسليط الضوء عليها في الآونة الأخيرة، إلا أنها ليست وليدة اللحظة، وإنما تعود جذورها إلى سبعينيات القرن الماضي.
ويقدر عدد المعابر غير الشرعية بنحو 120 معبراً، وكانت طريقاً لنقل مختلف أنواع البضائع والمواد الاستهلاكية بين الطرفين، غير أنها تحولت إلى طريق لنقل المال والسلاح بعد اندلاع الثورة السورية، التي تشارك ميليشيا “حزب الله” في قمع المؤيدين لها.
ويواجه إغلاق المعابر عقبات كبيرة، من ضمنها طول الحدود، والذي يبلغ 375 كم، وطبيعتها الجبلية الوعرة، وتداخلها في كثير من المناطق، لاسيما في البقاع، فضلاً عن سيطرة الحزب على معظم المعابر، إن لم يكن جميعها.