حزب الله.. وقد وقعت البقرة

زاوية مينا

في مقاييس حزب الله ومناصريه ما من هزيمة، ذلك أن أية هزيمة قد تتحول إلى “نصر إلهي”، ذلك ما درج عليه تاريخ الحزب وأنصاره كما لغته ولغتهم.
يبدو أن تحولاً قد وقع على الموقف واللغة، ما بعد ضربتي البيجر واللاسلكي، وقد شق صاحب جريدة الأخبار إبراهيم لأمين الطريق إلى هذا التحوّل، فما الذي كتبه الأمين في صحيفته؟
الضربتين:
دمرتا سمعة الحزب
دمرتا الهيبة التي كانت له
دمرتا الثقة التي كانت بين أعضائه وبين أعضائه وقيادته.
وكذلك بين الحزب وحاضنته
وبين ظفيرتين كتب:
“تم التأكد أن كوادر في مراتب عسكرية وأمنية عالية، قد وقعوا في شبكة الاستخبارات الإسرائيلية”.
ومن بعدها تابع:

دمرتا القدرة للقيام بعمل عسكري ذو معنى.
قتلتا كامل قيادات الصف الأول والثاني.
قتلتا العقول الهندسية الفنية التي كانت تدير البرامج التقنية ليس فقط للحزب بل ساعدت حماس والحوثيين.
وبالنتيجة إنها:

:.. إنها إسرائيل تريد سحق المقاومة
حرب الإبادة بنسختها اللبنانية.

كلام على هذا النحو، ومن مدمن على تطويب الانتصارات للحزب حتى ولو لم يكن ثمة مؤشر على انتصار، لابد ويعني “الهزيمة” بل “الهزيمة المجلجلة” أو لنقل “الهزيمة التي لاغطاء لها ولا أقدام تحملها”، أما الهزيمة فكما كتب الأمين، ذلك أنه لم يتبق من الصف الأول ولا الصف الثاني من قيادات الحزب من يشهد، فالكل صُفي اغتيالاً دون أن يتبق سواه حسن نصر الله، آخر الشهود.

يحدث ذلك، فاللغة الصلبة للحزب وقد حملته على مدى أربعة عقود أو يزيد، لم يوازها أقدام صلبة كما يتراءى لمن هو خارج الصورة، ذلك أن “النخر” الأمني قد اجتاح الحزب بما جعله فريسة سهلة لجهاز بحجم كف اليد، ولمتفجّرة توضع في مقعد السائق، ولطلعة جوية ينفذها الطيران الإسرائيلي، وكلها ناتج الاختراقات الاستخبارية، التي تأتي من جهتين محددتين:
ـ من بيئة حزب الله، فالتفاصيل الدقيقة التي تشير إلى موقع كوادره وحركتهم وسكنهم وأنفاسهم لايمكن أن تأتي سوى من رؤية العين، وخبرة المخبر.. المخبر الذي هو جار السكن.. رفيق السلاح.. بواب العمارة.
ومن جهاز استخبارات موازية، وليس ثمة من لايشك بـ “الحليف السوري” الذي يعني استخبارات بشار الأسد، وليس ثمة صدفة واحدة تحول دون الظن بأن مقتل عماد مغنية قد تحقق عبر المرشد الحليف، وكان القائد مغنية قد استهدف في المنطقة الأمنية الأكثر رعاية من فرع الامن العسكري السوري، وهو احد أبرع أجهزة الاستخبارات السورية في احتكار القتل ورسم المؤامرات، وكان هذا هو حال البقية الباقية ممن اغتيلوا من حزب الله على الأرض السورية، ليستدرك حزب الله متاخراً حجم خيانة الحليف.. الحليف الذي خاض حرب النظام وبالنيابة عن النظام بمواجهة الشعب السوري الذي ثار على النظام، وصولاً لإنقاذ النظام من السقوط، فلولاه، ونعني حزب الله، لما تبقّى من بشار الأسد قطعة من جسده ترافقه إلى المشرحة.
واليوم، بات البيع علنياً، فها هو النظام يأخذ موقع المزهرية في موقفه من حرب الحزب حتى انه بات يمتنع عن نقل خطابات حسن نصر الله على تلفزته، فيما تستضيف “إخباريته” أنور عبد الهادي سفير السلطة الفلسطينية في دمشق ليكيل التهم لـ “حماس” التي تعني إكالة التهم لحزب الله، متنصلاً من موقعه في جبهة الممانعة إياها، فيما تشير الكثير من التقارير أن بشار الأسد يشتغل اللحظة على مغادرة المركب الغارق وقد سلّم كل أوراق الحزب وما بحوزته من “داتا” إلى إسرائيل التي تكمل المهمة.
هناك، يتنازل إبراهيم الأمين عن استباق الهزيمة بلغة “النصر الإلهي” وهنا يشتغل نظام بشار الأسد وأجهزته على إرشاد الطيران الإسرائيلي على قيادات حزب الله وكوادره.
يقرة حزب الله وقعت، وهاهي سكاكين حلفائه تشتغل فيها.

Exit mobile version