حزب الله: يكون او لايكون

زاوية مينا

موسى الصدر، كما محمد مهدي شمس الدين، إمامان شيعيان، قطبان في ضمير الشيعة، وكليهما “لبنانيان” لمرجعية لبنانية، انتزعهما حزب الله وغيبهما لحساب “الشيعية الخمينية”، وكان مآلها عزل الشيعة اللبنانية ووضعها في الصف المضاد لخيار اللبنانيين في المواطنية وخيار الدولة ، فقاد إلى الفساد والإفقار، كما إلى ديمومة في اشتباك غير محسوب العواقب تجلّت نتائجه اليوم في مليون ومائتا ألف شيعي نزحوا من بيوتهم وتفرقوا ما بين خيمة ورصيف.

لبنان، في مجموع تحوّلاته بدءاً من منتصف القرن الفائت، شهد التحوّلات الكبرى ما بعد “حدث اكبر”، فكان:
ـ اغتيال الدرزي كمال جنبلاط قد فتح الطريق للاحتلال السوري للبنان.
ـ اغتيال الماروني بشير الجميل وساق إلى اسقاط اتفاق ١٧ أيار وإذعان الموارنة للاحتلال السوري.
ـ اغتيال السنّي رفيق الحريري وكان من نتائجه خروج الجيش السوري من لبنان.
واليوم، اغتيال الشيعي حسن نصر الله ولابد أن يرتب تحوّلات ما، مازالت خارج اليقين وبرسم الاحتمال.

واحد من الاحتمالات، ممارسة العناد السياسي بما يعني التمترس وراء عقيدة “الولي الفقيه”، تلك التي لا تعني ربح الفقيه بالقدر الذي تعني خسارته للبنانيين كل اللبنانيين، بمن فيهم أطراف من البيئة الشيعية التي أسقطت رهانها على خطاب نصر الله ما بعد الويلات التي تسبب بها بما فيها من إذلال الرصيف لمن خسر سقف البيت، مع القطيعة الكاملة مع طوائف لبنان الأخرى بشقيها: طوائف تغادر لبنان الطائفة لحساب لبنان الدولة، وطوائف مازالت ترى حمايتها في فقاعة الطائفة وهؤلاء لابد تدريجياً سيعثرون على استحالة المواطنة بالطائفة كبديل عن الدولة.

هذا واحد من الاحتمالات، أما الاحتمال الثاني، فهو لابد ناتج احتمالين:
ـ خسارة حزب الله للصف الأول من قيادته وآبائه المؤسسين.
ـ وخذلان الخمينية لمن تبقّى في هذا الحزب من قواعد وجمهور، وهو الاحتمال الممكن والمرجّح حين يذهب الولي الفقيه إلى رعاية مصالح الدولة ما بعد اهتراء الثورة، وينسج توافقات مع الأمريكيين والغرب عموماً ومن ثم يسقط تلك الشرعية التي استمدها من شعار “الموت لأمريكا” ومن قبلها “الموت لإسرائيل”، فلا إسرائيل ماتت ولا صلاة الغائب يمكن تلاوتها على الأمريكان، وفي الحالين سيجد حزب الله نفسه في العراء.
ـ عراء في الداخل اللبناني.
وعراء من غطاء الحليف.
ومن بعدها ليس أمامه سوى المغامرة إما بحرب مفتوحة على الأرض اللبنانية ليحوّل مواطنه الشريك إلى مواطن عدو، وإما بالمغامرة بحلّ نفسه ومغادرة خطابه بل وتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، وبذلك يؤكد مواطنيته بديلاً عن اغترابه الوطني ويوفر على نفسه وعلى لبنان مخاطر التهوّر في حرب أهلية، الرابح فيها خاسر، وهذا مالم يختره موسى الصدر، ولا المرجعيات الشيعية العاملية، تلك التي طالما طالها اغتيال سلاح حزب الله.

هي نقطة التحوّل التي لابد منها، وعلى هذا المفترق سيكون السؤال الشكسبيري الأبدي:
ـ نكون او لانكون.
مع إضافة:
ـ كيف نكون.

Exit mobile version