حسن نصر الله.. أم الصبي

عاد حسن نصر الله لتهديد إسرائيل بصواريخه، ويأتي تهديده متزامنًا مع حزمة تهديديات أطلقتها القيادة الإيرانية على لسان مرشدها على خامنئي بالثأر لمقتل قاسم سليماني.
الايرانيون يطلقون التهديدات أقله لأنهم “أم الصبي”، ولكن ماعلاقة الصبي بلبنان، لينضم نصر الله إلى القافلة الايرانية ويزج لبنان بما لايحتمل إضافة عما يحمل؟
إيران دولة كبرى بالقياس مع دول العالم الثالث، وهي على حدود السلاح النووي، وسيضاف الى ذلك أنها بلد نفطي، ولها من قوافل الأحزمة الناسفة والمفخخات والحروب مالها، فهل يحتمل لبنان ماتحتمله ايران ليزج به في حرب، دون ريب لن تكون سوى خاسرة حتى لو ربحت؟
هذا الرجل لايستحي، وهذا الـ “لبنان” كان ضحيته وضحية حزبه بالأمس، وغالبًا ما سيكون ضحيته في المستقبل.
الأمر كذلك لسبب بالغ الوضوح:
ـ السبب أن لبنان لم ينتقل الى مرحلة الدولة حتى اللحظةـ وليس بوسع بلد فيه دولتان أن يتحوّل الى دولة.. ليس لبلد له جيشان أن يتحول الى دولة.. ليس لبلد له قمصان سود تحتل الساحات بالسواطير أن يتحول الى دولة.
والبلد الذي تغيب عنه الدولة لابد وأن يحضر فيه الفساد والجريمة وسفه القانون وسفاهة القضاء والفلتان المرئي أو المؤجل.
أن يذهب الايرانيون الى الثأر لدم قاسم سليماني فهذه قضيتهم، ولكن ماهو ذنب لبنان ليتحمل قضية ايرانية على هذا المستوى من الحساسية والخطورة؟
يحكي حسن نصر الله عن محاولة امريكية ـ اسرائيلية لاغتياله، وكلنا على علم بأن العقل الإسرائيلي أبعد مدى من أن يزج بهكذا لعبة أقله لأنه يعلم بأن من أنتج حسن نصر الله، قادر على انتاج بديله، فحسينيات اللطم، وأقبية الموت التي يتدرب فيها الحرس الثوري لاشك بأن لديها سلسلة من حسن نصر الله، بلحية أقل كثافة أو أكثر كثافة، بعمامة اكثر اتساعًا أو أقل اتساعًا، ولكنها قادرة على انتاج ذهنية حسن نصر الله، وثقافة حسن نصر الله، والكارثة التي تسمى حسن نصر الله، بما يجعلهم يذهبون أبعد من شخصه، فردم البئر أكثر جدوى من تحطيم الدلو، وهذا مايعرفه الاسرائيليون جيدًا وبالتالي فالكذبة التي اخترعها نصر الله في حواره مع محطة الميادين هي ذروة الكوميديا في ذروة التراجيديا التي يعيشها لبنان، والتي يمعن حسن نصر بديمومتها، حتى بات اللبنانيون بلاد بلا بلد، ومواطنون بلا دولة، ومتدينون بلا دين، ومزارعون بلا أرض، ومدخرون في مصارف لاتعطيهم من مدخراتهم ما يسد الرمق.
يظهر حسن نصر الله على الشاشة في عرض، تخجل منه حتى عارضات البورنو، بمنتهى الاستخفاف والاستعراض والاستمتاع بدور يصلح لراقص ولا يصلح لزعيم سياسي، غير أن الكوارث لاتأتي على الدوام من انفجار البراكين، فالشر يتولد من الشرارة، وليس غريبًا أن يرسل نصر الله هذه الشرارة لتقع الحرب على الجبهة اللبنانية، فيما الايرانيون يهللون لنتائجها التي لن تعني سوى تفجير مالم يتفجر في لبنان، وتعالوا نفترض تلك التداعيات التي يمكن لحرب كهذه أن تقع:
ـ لنصدق حسن نصر الله ونقول بأن صواريخه تصل الى مابعد بعد حيفا حسب خطابه، ولنفترض أنه حظي بمجد تدمير مدن اسرائيلية، ما الذي ستكون عليه النتائج؟
كل العالم سيعيد لاسرائيل ماتهدم، وكل العالم سيقف الى الصف الاسرائيلي بالمنح والمعونات والخبرات واعادة إعمار مادمر.
بالمقابل ما الذي سيحصل فيما لو دمر لبنان أو مدن من لبنان؟
سيكون الدمار الذي لا اعادة اعمار بعده، وسيكون الغرق الذي لاعودة بعده، وسيكون الخيار الذي لم يختره اللبنانيون، فاللبنانيون يفضلون “التبولة” على السلاح، ويفضلون “الكازينو” على الحسينية، ويفضلون الحياة على الموت، وإذا رغبوا بالموت فليس لعيون قاسم سليماني.
اللبنانيون ليسوا أم الصبي.
يظهر أن حسن نصر الله قد اختار ان يكون أم للصبي.
لانعرف من أين سيرضعه.

Exit mobile version