حكاية “الساعة” اللبنانية تقديماً أو تأخيراً

مرصد مينا

وقد انتقل السجال اللبناني من “البحث عن رئيس” ومن ثم “مصير رياض سلامة” وما بينهما من “الشقاق ما بين حزب الله والتيار” إلى “نقدّم الساعة أو نؤخرها”، سيكون لـ “الساعة” حدث آخر يختلف عن تلعين اللبنانيين للساعة التي حكموا بها بهذه المنظومة السياسية الفاسدة، للأمر أبعاد “تقنية” بانعكاسات على الاقتصاد وسواه، مع تجاوز الاستغلال السياسي والوطائفي الواضح للقرار الذي اتخذه الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي لجهة عدم تقديم الساعة، إلا أن المشكلة تقنية بحت، والمشكلة الحقيقية هي في الخفة والتسرّع في اتخاذ هذا القرار قبل 48 ساعة فقط من مهلة تطبيقه.

تداعيات ما يواجهه لبنان اليوم وبلسان جريدة النهار اللبنانية،  هي في عدم إبلاغ الجهات العالمية المختصة بهذا القرار ولا سيما الـ IANA وهي الجهة المسؤولة عن متابعة وصيانة الـ time zone لخوادم الإنترنت Internet servers وجميع الأجهزة والتطبيقات والبرامج لناحية الإنتاج والتصنيع والتشغيل.

هذه المسألة ستؤدي برأي مصادر خبيرة في قطاع الاتصالات إلى مشكلات كثيرة في حال تطبيق عدم تقديم الساعة محلياً، بينما الـ IANA ستستمر بالاعتبار أن لبنان التزم بما هو مقرر سابقاً ومتفق عليه مع المؤسسة الدولية بتقديم الساعة.

لا بد من الإشارة إلى أن الزمن قد تغير جذرياً، لو أتخذ هكذا قرار في بداية التسعينيات أو في السنوات الأولى لانتشار الانترنت لكانت المشكلة مختلفة تماما وربما لا تذكر، إذ كان يكفي إبلاغ الجهات العالمية للطيران المدني وبعض الجهات الأخرى، وقُضي الأمر. أما اليوم، فالموضوع مختلف كلياً. فموضوع “المزامنة” أو synchronisation لناحية التوقيت أصبح يطال جميع الأجهزة للأفراد والمؤسسات الصغيرة والكبيرة وسيؤدي حكماً إلى مشكلات كبيرة على جميع الصعد.

حتى الأمس، وبعد الإعلان رسمياً عن عدم تقديم الساعة والدخول عملياً في التطبيق، وبين عدم تطبيق القرار تقنياً من مصرف لبنان والمصارف التجارية وعدد كبير من المؤسسات، يتبين أن المشكلة والتضارب في اتخاذ الإجراءات قد وقعت فعلاً، والحل الوحيد المتاح برأي المصادر هو العودة عن القرار فوراً والإعلان رسمياً عن إعادة العمل بالتوقيت الصيفي وإبلاغ الـ IANA ضرورة الاستمرار لجهة اعتبار لبنان ضمن الـ time zone الذي يعتمده منذ سنوات، مع إفساح المجال لأيام معدودة للطيران المدني لإعادة تطبيق التوقيت الصيفي.

ليس الطيران المدني القطاع الوحيد الذي يتأثر مباشرة بهذا التغيير، بل إن عدم إبلاغ منظمة الـ “أَيانا” IANA هذا التدبير سيؤدي حكماً إلى اختلال كبير في جميع الأجهزة والتواصل مع الجهات في الخارج في جميع الأعمال المالية والخدماتية والاقتصادية والتجارية والتعليمية والاجتماعية. فتداعيات القرار المتخذ والإجراءات التقنية التي تمت من بعض المؤسسات ستكون كبيرة على عمل جميع الشركات اللبنانية في القطاعين العام والخاص. هذه التداعيات وفق المصادر عينها بعضها منظور وبعضها الآخر غير منظور، وذلك تبعاً لما تعتمده منظمة الـ IANA لجهة قيامها باعتماد أي من التوقيتين الصيفي أو الشتوي في هذه الفترة وضرورة تيويم الـ database وتوزيع هذه المعلومات  من المنظمة إلى جميع المصنّعين والبائعين للأنظمة المشغلة المختلفة التي تطال حياة الإنسان اليومية في جميع المجالات دون استثناء.

وبعيداً عن زواريب السياسة اللبنانية الضيقة والمواقف الشعبوية والطائفية لهذا أو ذاك من الأطراف الداخلية، تختم المصادر بدعوة صادقة إلى الرئيسين بري وميقاتي للعودة عن القرار المتخذ، فتداعياته التقنية أكبر من أن يتحملها لبنان، خصوصاً في هذه المرحلة القاتمة من تاريخه”.

ما سبق سيقول أن المسألة تقنية بحتة، أما أخذها للتجاذب السياسي والطائفي فليس سوى استكمالاً للعبة طالما هدرت اللغة وقد تقود إلى هدر الدماء.

ساعتها “سيلعن اللبنانيون الساعة التي ولدت فيها زعاماتهم وملوك طوائفهم”.

Exit mobile version