نبيل الملحم
حتماً لم يكن حمدين صبّاحي واسمه الكامل حمدين عبد العاطي عبد المقصود صباحي، حتماً ليس بزعامة سعد زغلول، ولا كاريزمية عبد الناصر، ولا براغماتية السادات، وكذا لم يكن مناضلاً لاتُشق له غبار، هو ليس كل ذلك، ولكن مسيرته السياسية تقول بأنه “رجل محترم”، غير أن زلّة قدم المحترم قد تتعدى تمزق أربطة الساق إلى كسور لاتُشفى، ومن زلّات قدمه ولسانه، زيارته لبشار الأسد.
لو كان حاكماً لقلنا “ضرورات الأمّة تتخطى قناعات السياسي”، ولو لم يكن ثائراً على الرئيس مبارك، لخلقنا له عذراً مصحوباً بتبريرات من بينها أنه “مسكين ومستكين”، وإذا كان مواطن “مجرد مواطن” فالمواطنية تقتضي احترام مواطنية الغير، وبالتالي “على المواطن صبّاحي” احترام آلام الشعب السوري واوجاع الشعب السوري وضحايا الشعب السوري، فزيارته للأسد، هي الهدية المجّانية لرجل أعلى سقوفه أن يحتفظ بلقب رئيس، دون أن يمارس رئاسة سوى على فلول الميليشيات، وطزاجة المخدرات ولزوجة رجل مازال يسكن قصراً من إرث أبيه، وهو من تسبب بالرحمة لأبيه، تبعاً للحكاية القائلة بأن وارثاً قاتلاً ورث أباً قاتلاً، فضاعف في الحكم عنف أبيه حتى بات الناس فعلاً يترحمون على الراحل أبيه.
والحال كذلك، ما الذي دفع صبّاحي ابن “ميدان التحرير”، و “ابن النيل” ليتحوّل إلى “ابن الحائرة” ما بعد هذه الزيارة بالغة السخافة التي لأتأكل من بلح اليمن ولا تنال من عنب الشام؟
ما موجباتها؟
مشكلة البناء أن يحتاج إلى أطول تراكم، فيما الانهيار لايحتاج أكثر من تكسير بحصة تحمل الجدار.
حمدين صباحي، وهو اسم مزدوج الـ “حمد”.
يظهر أنه لم يعثر على من يحِمِد، فعثر على من يحمده بالشام.