محاكمة حميد نوري والحكم عليه، ليست محاكمة قاتل بمرتبة مجرم حرب فحسب، هي محاكمة نظام صعد بالإجرام واسترسل بالإجرام واستفحل في الإبادة ومازال يتمدد وبسلاح الإجرام.
إنه نظام الملالي، بالغ السطوة وقد أعاد إيران إلى زمن الكهوف.
حميد نوري اتهم بالتواطؤ في الإعدامات الجماعية بحق آلاف المعارضين السياسيين الإيرانيين من كل فئات االشعب، وبينهم ناشطون من أحزاب يسارية فيما تركزت واستهدفت عمليات القتل أعضاء من مجاهدي خلق الإيرانية (المجاهدين).
منظمة العفو الدولية قدرت أن ما لا يقل عن 5000 شخص قد أُعدموا بأوامر حكومية، قائلة في تقرير عام 2018 أن “العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى” وهو رقم مشكوك فيه، فالإيرانيون يعتقدون بأن الرقم أضعاف أضعاف ماحمله تقرير المنظمة الدولية دون نسيان أن للرئيس إبراهيم رئيسي، دورًا رئيسياً في عمليات الإبادة تلك.
ما يلفت في الأمر، بل يمكن القول أن الوجه الطيب منه، هو أن يتحرك القضاء الأوروبي بمواجهة مجرمي الحرب الذين يزرعون الرعب في بلدانهم ومن ثم يأتون إلى أوروبا لقضاء قيلولة أيامهم الأخيرة في مدنها وأريافها كما لو أن شيئًا لم يكن، يأتون مطمئنين كما لو أن أيديهم نظيفة من الدماء، وهذا حال مجموعة كبيرة من جلادي السجون في سوريا وقد وصلوا عواصم اوروبية وجيوبهم محشوة بالمال فيما تاريخهم ممتلئ بكل أشكال الإبادة.
حدث ذلك مع نازيين رحلوا مابعد سقوط النازية واستوطنوا دولاً من دول أمريكا اللاتينية مثل الارجنتين وسواها فرارًا من محاكمتهم أمام قضاء بلدهم، ويحدث اليوم وبشكل مفضوح أقله مع ضباط عراقيين سابقين اشتغلوا في أجهزة استخبارات بلدهم وعملوا تنكيلاً بمواطنيهم، وبصورة أوضح وأشمل واكثر يحدث هذا مع ضالعين في الارهاب من اجهزة استخبارات سورية وصلوا اوروبا ونالوا فيها صفة “لجوء سياسي”، فلماذا يلجأون وقد دمروا ناس بلدانهم، وهجروا ناس بلدانهم، وثبّتوا اوتاد أنظمة سمتها القتل والعنف والاستهتار بالقوانين بما جعل قوانين بلدانهم تختزل بقانون واحد عنوانه:
ـ ممنوع العيش.. مسموح هدر الحياة.
محاكمة حميد نوري، خطوة على الطريق، خطوة صغيرة من طريق طويل، فأن تتحول مدن اوروبا إلى منتجعات للقتلة والمجرمين فتلك مصيبة أعظم من أن يهجروا بلدانهم وقد أحالوها إلى حقول للدماء.. مقابر بلا شواهد قبور.
لننتظر الخطوات اللاحقة، خطوات عنوانها:
ـ العدالة تطارد غيلان سوريا، غيلان يتمرمغون على شواطئ اوروبا وبكل الاطمئنان.
محاكمة حميد نوري لاشك ستقلقهم.
هل يكفي إقلاقهم؟