“لا توجد جريمة كاملة”، ربما هي القاعدة الذهبية في علم القانون، وهي أيضاً المقولة التي يمكن أن تطبق على سياسة إيران العدوانية في سوريا، والتي يبدو أن روسيا وقاعدتها في حميميم لم تسلم منها.
اعتداءات إيران على قاعدة حميميم الروسية في سوريا، كشفها على ما يبدو، قراراً من محافظة اللاذقية بإغلاق مكب نفايات بالقرب من أوتوستراد دمشق الدولي وتحديداً في قرية “البصة” الواقعة على طريق منطقة الحفة، والذي لم تنجح حكومة النظام بإخفاء الهدف الحقيقي من إغلاقه بالتذرع بأنه مضر “بصحة المواطنين”.
مصادر خاصة أكدت لـ”مرصد مينا” أن قرار الإغلاق ارتبط باستخدام الحرس الثوري الإيراني للمكب كمنصة إطلاق طائرات مسيرة لاستهداف قاعدة حميميم، مشيرةً إلى أن تلك العمليات تمت فعلياً بأوامر من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني”.
رواية المصادر حول المكب دعمتها هوية صاحبه “أيمن جابر” أو الملقب بـ”أبو البرميل” الذي يعتبر أقوى رجالات إيران في منطقة الساحل السوري، والمنفذ الأول لكامل خطط الحرس الثوري في المنطقة، إلى جانب اعتبار أن إيران واحدة من أصحاب المصلحة باستمرار حال التأهب والقلق عند الروس من أي تطورات غير محسوبة على الأرض.
وبحسب المصادر، فإن كافة العمليات التي تعرضت لها القاعدة الروسية خلال السنوات الماضية كان مصدرها الحرس الثوري، مضيفةً: “سليماني اعتقد أن الخطة الإيرانية مسبوكة ومحبوكة بشكل لا يمكن اكتشفها معه، ظن أن الأمر لن ينكشف، ولهذا تشجع على المضي فيها، خاصة وأنها ستقنع الروس بضرورة بقاء القوات الإيرانية على الأرض، في ظل الخطر الذي لازال يهدد محيط القاعدة”.
استهداف إيران لحميميم وإثارة المشكلات للروس حولها ارتبط أيضاً بحسب المصادر بحالة التنافس على النفوذ في سوريا بين موسكو وطهران، لا سيما بعدما حجم التدخل الروسي المباشر الدور الإيراني، إلى جانب تزايد الضغوط الدولية على موسكو لإخراج القوات الإيرانية من هناك.
خطة إيران والنشاط الحقيقي لمكب “أبو البراميل” لم يفتضح فقط من خلال هوية صاحبه، وإنما كان هناك الكثير من نقاط الضعف التي أوقعت “سلماني” وأفشلت مخططه على حد قول المصادر، وأولها إدراك روسيا عدم امتلاك قوات المعارضة السورية لأي طائرات من النوع المستخدم في الهجوم على قاعدتها.
مشيرةً إلى أن التجاهل الروسي للخطة والدور الإيراني؛ جاء لاتخاذ تلك الهجمات ذريعة لدعم جيش النظام والتخلص من مجموعات المعارضة السورية في الساحل والمناطق المحيطة وبالتالي التأمين التام لمحيط المصالح الروسية في الساحل وفي إدلب.
وأضافت المصادر: “يبدو جلياً أن روسيا بعد أن حققت مبتغاها، حيث وجهت بوصلتها تجاه إيران لمحاسبتها على ممارستها وتطاولها على قاعدة حميميم، ومن هنا صدر قرار إغلاق المكب؛ وأجبرت “أيمن الجابر” على التوقف عن صناعة البراميل المتفجرة”، لافتاً إلى أن القوات الروسية فرضت حصاراً كبيراً على “الجابر” شمل وقف كل أنشطته ذات الصلة بالعمل العسكري بما في ذلك دعمه لمجموعة تشبيحية يقودها ابن شقيقه.
دلالات إغلاق المكب، خاصة مع رافقه من جدل، يشير وفقاً للمصادر إلى أن روسيا بدأت فعلياً بقطع اليد الإيرانية من الساحل السوري، الذي يعتبر واحداً من أهم المواقع بالنسبة لموسكو.
خاصةً وأن وسائل إعلامية تابعة للنظام أعلنت عن نية محافظة اللاذقية تسريح موظفي معمل العبوات البلاستيكية القريب من المكبّ تمهيداً لإغلاقه خلال أيام، وهو المعمل الذي أكدت المصادر الخاصة لموقع “مينا” أنه المنصة الثانية لإطلاق لطيران المسيّرة باتجاه حميميم.
أما المهم أكثر في حادثة المكب، يكمن في خصوصية المنطقة بحد ذاتها، حيث تعرضت خلال السنوات الثمانية الماضية لعدة غارات جوية إسرائيلية، كما تعرضت لقصف من البوارج الأمريكية المتواجدة في البحر المتوسط، الأمر الذي يشير إلى ما تحتويه من أسرار ومواقع هامة، لا سيما وأن إسرائيل والولايات المتحدة أكدتا أن عمليات القصف استهدفت المواقع الإيرانية المنتشرة هناك.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي
