خامنئي وسرّته

مرصد مينا

ستقيد الجريمة ضد مجهول، حتى ولو كان القتيل رفيق الحريري، وحتى لو خلصت المحكمة الدولية “إلى أصابع “حزب الله” في اغتيال رمز الاعتدال اللبناني ومؤسس تيار المستقبل.. هو الحال كذلك كواحد من منتجات تحويل الدولة إلى زقاق سائب تعود ملكيته إلى محترفي السلاح، فلا بوسع العالِم إعطاء اللبنانيين حقيقة ما يعلم، ولا على من ليس لديه ما يكفي من العلم أن يدلي بعلمه.

بلد بخامنائي وسرّته محكوم لعصابة تستظل بشعارين فضفاضين:

ـ العقيدة، ومن بعدها فلسطين.

ولكل من المظلتين قدسيتها في الرأي العام، فمن يُشكّك بعقيدة “الجهاد” يكفّر، ومن يُقلل من لا يمنح القضية الفلسطينية أولوية يُخوّن، وعليهما، ونعني الشعارين، أن يتحوّلا إلى قبضة مضمومة على الحياة اللبنانية بما يجعل كل مخالف لهما تحت نذير الاغتيال، فإن لم يكن الاغتيال الجسدي، فالاغتيال المعنوي، وإن لم يكن هذا أو ذاك، فقصقصة جناحيه بما لا يسمح له أن يطير في فضاء السياسات اللبنانية، لينتهي معزولاً بين أهله، والثالثة إياها طالما طالت شخصيات “شيعية” على وجه التحديد، من بينها من كان رمزاً وأيقونة، ومن بينها من دُفن مجهول الاسم والهوية، أما عن الرموز فهذا حسين مروة، ومهدي عامل، ومن آخر من دفِن بالرصاص المجهول لقمان سليم، وهو الرجل الذي فضح قاتله قبل أن يُقتَل.

واليوم، تتحول جريمة مقتل باسكال سليمان، إلى الجريمة الأكثر وضوحاً، في فضاء لا يسمح بالوضوح فيجهّلونها حتى باتت مجرد جريمة لـ “عصابة” تختطف “سيارة”، في سياق يحمل “عصابة وسيارة” فعلاً، دون ما يكفي من النظر إلى ماوراء العصابة والسيارة، وقد عبرت الجريمة نصف الأراضي اللبنانية لتحط حمولتها في الأراضي السورية، مروراً بكل النقاط التي يستولي عليها حزب الله بالشراكة مع الفرقة الرابعة التي يدير سلاحها ومخدراتها وقرارها ماهر الأسد، الجناح الإيراني للجيش السوري الموّزع ما بين سلطة الروس، وسلطة خامنئي، وما بينهما جنود من حصة الموت وحده، أعلى أثمان “شهادتهم” عنزة وساعة حائط، ومن بعد الدفن تشريد أطفالهم، وعوز نسائهم وصولاً للاشتغال في خدمة منازل من يأتمرون لقيادته، وفي اللوحة على اتساعها، تحويل بلدين برمتهما إلى إدارة العصابة، حتى غياب الدولة عن طرفي الدولتين واستئثار العصابة بقرار السلم والحرب، كما قرار الرغيف وقد بات مطروداً عن موائدهم.

في هذه الفوضى تتعالى الأصوات كمقدمة لتعالي الرصاص، فلبنان وقد مضى على حربه الأهلية ٤٥ عاماً، يبيت اليوم تحت كابوس هذا الاحتمال، وهو الاحتمال الذي لا يعيق انتاجه سوى القدرة على دخوله، فلا القوى المناهضة لحزب الله قادرة على خوضه، ولا حزب الله سيذهب اليه وفي يده كل حصاد ومفاتيح البلد، ما يجعلها ونعني الحرب الأهلية، مشروعاً خاسراً للحزب الرابح الذي لن تزيده الحرب الأهلية إلاّ ربحاً، فيما بقية اللبنانيين مغيّبين سوى عن ردود الفعل وسقفها التظاهر، فإذا ما ارتفعت وتيرة هذا التظاهر فسلاح الحزب كفيل بكتم أصوات المتظاهرين، ونموذج ٧ أيار يكفي ليعود المتظاهر إلى بيته وقد طوى لافتته إلى غير عودة للميدان، اما القتل والاغتيال فلن يتوقف ليطال كل المعترضين على حزب الله، ويكفي مراجعة لأسماء ومواقع من طالهم الاغتيال للوقوف على حقيقة واحدة، وهي أن رصاص الاغتيال لم يطل سوى خصوم حزب الله:

ـ رفيق الحريري، باسل فليحان، سمير القصير، جورج حاوي، جبران تويني، بيار الجميل، وليد عيدو، أنطوان غانم، فرانسوا الحاج، وسام الحسن وغيرهم، ومن الناجين مروان حمادة وميّ شدياق، وكلّهم من اصطفاف سياسي واحد، يشتغل إلى انتزاع الدولة من يد العصابة.

عصابة كل جرائمها تُقيّد ضد مجهول. والمجهول هو المعلم وبرسم اثنين:

ـ اولهما علي خامنئي، اما الثاني فبشار الأسد.

دون نسيان أن الثاني هو “سرّة بطن الأول”.

Exit mobile version