مرصد مينا – هيئة التحرير
يبدو أن تجربة أكراد العراق مع الخطف لن تنته بطرد تنظيم داعش، حيث تستمر مسلسلات الخطف والاعتقال هذه المرة بيد مسلحي حزب العمال الكردستاني، والذي ينتشر في مجموعة مناطق كان يسيطر عليها التنظيم شمال العراق، وتحديداً في قضاء سنجار ومناطق داخل إقليم كردستان.
الكشف عن عمليات الخطف، جاء على لسان رئيس مجلس بلدية رواندوز بعاصمة الإقليم، إربيل، “مصلح زار”، الذي يؤكد أن آخر عمليات الخطف، نفذها الحزب كانت قبل يومين من الآن، وهو ما جاء ضمن سلسلة عمليات خطف نفذها الحزب مؤخراً داخل كردستان العراق.
تجنيد بالإكراه وإحصائيات غير موجودة
عمليات الخطف وبحسب ما يؤكده مصدر كردي، لمرصد مينا، ارتبطت بتجنيد عدد كبير من أولئك الشبان ضمن صفوف الحزب، لافتاً إلى أن معظمهم يتم نقلهم إلى مناطق جبال قنديل، التي تعتبر المقر الرئيسي للحزب، وهناك يتعرضون لعمليات غسل دماغ هدفها غمسهم في العمليات العسكرية، التي ينفذها الحزب.
كما يشير المصدر إلى أن تركيز الحزب على مناطق إقليم كردستان، مرده إلى نقطتين، الأولى زرع حالة خوف لدى معارضيه داخل الإقليم، خاصةً وأنه مرتبط بعلاقات متوترة مع حكومة كردستان، بالإضافة إلى رغبته في استعراض قوته على أراضي الإقليم، أما الثانية، فهي رغبته بخلق حاضنة شعبية له داخل الإقليم من خلال تجنيد المختطفين، خاصةً مع بروز رغبة واضحة لدى حكومة الإقليم بطرده من أراضيها.
يشار إلى أن مئات الأكراد الأيزيديين، المنحدرين من قضاء سنجار، قد خرجوا بمظاهرات منادية بإخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني من منطقتهم شمال العراق، حيث تجمعوا في مظاهرة مناهضة للحزب في مدينة دهوك، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.
أما عن أعداد المختطفين، فيؤكد المصدر أنه لا يوجد حتى الآن أية إحصائية دقيقة حول ذلك، لافتاً إلى أن معظم الأسر لا تبلغ عن تلك الحالات خشية تعرضها لعمليات انتقامية من قبل مسلحي الحزب.
إستياء وإجابات غير موجودة
تصاعد حالات الخطف كما يؤكد “زار”، خلقت نوعاً من الاستياء في أوساط الإقليم شعبياً وحكومياً، خاصةً وأن تلك الحالات تطال أشخاص من ذات العوائل، واصفاً ممارسات الحزب بأنها انتهاك للقانون وخلق للمشاكل بينه وبين الإقليم الكردي.
تزامناً، يؤكد “أبو يوسف” أحد سكان سنجار، بأن محاولة الاستفسار عن المختطفين غالباً ما تصطدم بعدم الحصول على إجابات واضحة من قبل مسلحي الحزب وقياداته، مشيراً إلى أن مناطق الأكراد، التي ينتشر فيها مسلحو الحزب، لا تزال تشهد واقعاً شبيهاً، بالذي فرضته داعش من حيث الاعتقالات والاختطاف والقتل والقمع.
في السياق ذاته، تؤكد مديرة هيئة حقوق الإنسان في إقليم كردستان العراق، “تاڤكه عمر” تلقي الهيئة العديد من الشكاوى من بعض الأسر حول تصاعد ظاهرة الخطف، التي ينفذها مسلحون تابعون للحزب التركي في مناطق الإقليم، متهمةً الحزب بتجنيد بعض المختطفين من أبناء أكراد شمال العراق، للقتال في صفوفه.
كما يشير “عمر” إلى أنها تلقت معظم الشكاوى من أهالي وأسر مدينة حلبجة، التي اتهمت الحزب باختطاف أبنائها من المدينة وإرسالهم إلى جبال قنديل ومن ثم تجنيدهم للقتال في صفوفه.
صراع نفوذ يدفع ثمنه المدنيون
تعليقاً على ظاهرة الخطف، يشير المحلل السياسي الكردي، “محمد عثمان”، إلى أنها مرتبطة بالدرجة الأولى بالصراع العقائدي بين الحزب وبين حكومة كردستان، موضحاً أن “حزب العمال يسعى خلال الأشهر الماضية إلى ضرب الاستقرار الأمني في الإقليم، وهو ما يفسر لجوءه للتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في الإقليم”.
ويلفت “عثمان” إلى ضرورة فهم تفكير قيادة حزب العمال، التي تقوم على الاستئثار بالقضية الكردية على حساب الأطراف السياسية الأخرى، مشيراً إلى أن قناعة الحزب تبنى على أن أي شخص أو جهة لا تتبنى أفكاره، هي جهات خائنة للقضية الكردية، وبالتالي إن قتل الأكراد أو اعتقالهم أو تعذيبهم أمر وارد في آيديولوجيا الحزب، طالما أنهم يغردون خارج سربه وسرب أفكاره.
كما يفسر “عثمان” حالة الدموية التي يتبعها الحزب مؤخراً في التعامل مع ملف كردستان العراق، بأنها رغبة منه بفرض سياسة الأمر الواقع، التي تجبر حكومة الإقليم بالقبول بمسألة انتشار مسلحي الحزب في مناطق الإقليم، مشدداً على أن الحزب يعتمد على القوة والبطش كأساس لتحقيق أهدافه.