مرصد مينا – هيئة التحرير
تناقض قرار المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل، “رفيق الحريري”، التي اتهمت قيادياً بميليشيا حزب الله اللبناني بالضلوع في تنفيذ الاغتيال، وبرأت ثلاثة أعضاء آخرين لعدم كفاية الأدلة، تناقض مع تحقيق الأمم المتحدة، الذي وجه اتهامات إلى أكثر من 20 مشتبهاً، من بينهم عدد من كبار المسؤولين اللبنانيين والسوريين.
وبعد النطق بالحكم، تتّجه الأنظار إلى موعد 21 سبتمبر/أيلول المقبل الذي حددته المحكمة لإصدار العقوبة بعد صدور الحكم، وإمكانية الردّ على منطوق الحكم أو طلب الاستئناف عليه.
ردود أفعال دولية ومحلية حول قرار المحكمة، طرحت العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة اللبنانية المُستقيلة والمدعومة من حزب الله ستتعاون في تسليم المتّهم الوحيد “سليم عياش”، ولاسيما أن رئيس الجمهورية، “ميشال عون” (حليف حزب الله) أعلن “أن جريمة اغتيال الرئيس “الحريري” أثّرت كثيراً على حياة اللبنانيين ومسار الأحداث، وعلينا تقبّل ما سيصدر عن المحكمة الدولية، مشيراً إلى أنّ “العدالة المتأخرة ليست بعدالة”.
وبعد الإدانة، دعا الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهما حليفان لحزب الله، إلى الوحدة.
رئيس وزراء لبنان السابق “سعد الحريري” تعهد: أنه “لن يستكين لحين تنفيذ العدالة وإنزال العقاب بقتلة والده “، وفي إشارة إلى تصريحات زعيم ميليشيا “حزب الله” الذي قال قبل المحاكمة: إن “جماعته ليست معنية بقرارات المحكمة”.
وأكد “الحريري”: أن ”كل اللبنانيين .. معنيون، والجماعة التي تساندها إيران يجب أن تضحي “. داعياً إلى إلى ضرورة “تنفيذ العدالة” بعد ادانة عضواً من جماعة حزب الله في اغتيال والده عام 2005، قائلاً إن.
صمت “حزب الله”..
وفي وسط بيروت، وقف أفراد أسرة الحريري وأنصاره أمام قبره في انتظار ابنه “سعد” ليتحدث عن حكم المحكمة التي انعقدت في لاهاي بهولندا. وقال الحريري: “للمرة الأولى بتاريخ الاغتيالات السياسية العديدة التي شهدها لبنان، عرف اللبنانيون الحقيقة”. مشيراً إلى “أهمية هذه اللحظة التاريخية هي رسالة لمن ارتكب هذه الجريمة الإرهابية وللمخططين الذين وراءهم بأن زمن استخدام الجريمة في السياسة من دون عقاب ومن دون ثمن انتهى”.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر قراراً حمل الرقم 1757 بتاريخ 30 مايو/أيار 2007 القاضي بإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وقد يكون له دوراً في تطبيق الحكم إذا ما تعذّرت الحكومة اللبنانية في تسليم عياش.
وأبدى بعض اللبنانيين، ومن بينهم ضحايا ينتظرون العدالة منذ 15 عاما، عدم تصديقهم أن الحكم برأ ثلاثة آخرين من أعضاء حزب الله. وقضى الحكم أيضا بأن قيادة الجماعة والحكومة السورية غير ضالعتين في الهجوم.
من جانبها، لزمت جماعة “حزب الله” الصمت، فيما سُمعت لفترة وجيزة أصوات ألعاب نارية في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله.
وقال “سامي الجميل” رئيس حزب الكتائب، الذي استقال نوابه الثلاثة من البرلمان بسبب انفجار بيروت الهائل هذا الشهر، على تويتر ”إلى متى سيستمر العالم بالتغاضي عن مجموعة مسلّحة بقوة الخارج تقوم بزعزعة لبنان ودول المنطقة؟“.
السعودية تطالب بالمعاقبة..
وعلى الصعيد العربي، دعت السعودية إلى “معاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية بعد صدور قرار الإدانة”، مشيرة إلى أن “عناصر حزب الله ارتكبوا العديد من الجرائم، وجريمة اغتيال رفيق الحريري كانت إحداها وأكثرها تأثيراً على أمن واستقرار لبنان”.
وزارة الخارجية السعودية قالت في بيان لها: إن “المملكة ترى في الحكم القضائي ظهوراً للحقيقة وبداية لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم”، داعية “لتحقيق العدالة ومعاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية”.
وأضافت أن السعودية تتطلع “إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام بإنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين بدون استثناء”.
كما عقبت وزارة الخارجية الإسرائيلية على الحكم الصادر في قضية الحريري مؤكدة أن “حزب الله ارتهن مستقبل الشعب اللبناني”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: “حكم المحكمة التي حققت في مقتل رئيس الوزراء الحريري والذي تم الإعلان عنه اليوم واضح لا لبس فيه. إن جماعة حزب الله الإرهابية وأفرادها متورطون في جريمة القتل وعرقلة التحقيق”.
المتحدث الإسرائيلي أضاف: “حزب الله ارتهن مستقبل اللبنانيين خدمة لمصالح خارجية. على دول العالم أن تتخذ إجراءات ضد هذه الجماعة الإرهابية لمساعدة لبنان على تحرير نفسه من هذا الخطر”.
ردود دولية..
أما على الصعيد الدولي، وفي أول تعليق أمريكي على إدانة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان “سليم عياش” عضو ميليشيا “حزب الله”، أبدى وزير الخارجية “مايك بومبيو” ترحيب بلاده بقرار بإدانة المحكمة، معتبراً أن إدانة سليم عياش في جريمة الاغتيال “تؤكد أن حزب الله منظمة إرهابية”.
وأوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أن “أعضاء حزب الله لا يعملون لحسابهم الخاص”، مشيرة إلى أن إدانة عياش تؤكد ما بدأ العالم يعترف به وهو أن حزب الله لا يدافع عن لبنان بل يشكل منظمة إرهابية هدفها تمديد الأجندة الطائفية الخبيثة لإيران”.
كما انتقد “بومبيو” استغلال حزب الله للنظام المالي في لبنان، الذي يعاني من تبعات الانفجار الهائل في الرابع من أغسطس/ آب، لافتاً إلى أن “تدهور المؤسسات اللبنانية يهدد السلامة المالية للبنان واحتمال تعافيه”.
وفي بريطانيا، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية “جيمس كليفرلي”: إن “إدانة عضو في جماعة حزب الله اللبنانية بالتآمر لقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في تفجير عام 2005 خطوة نحو تحقيق العدالة”.
وكتب “كليفرلي” على تويتر: “بينما تصدر المحكمة الخاصة بلبنان حكمها، فإن قلوبنا مع المتضررين من هجوم بيروت 2005، وهو حدث مؤلم آخر في تاريخ لبنان”. مؤكداً أن “حكم اليوم خطوة نحو العدالة. لا بد من محاسبة من يرتكبون مثل هذه الفظائع”.
بدون دليل..
قضاة المحكمة الخاصة بلبنان، أدانوا المتهم الرئيسي “سليم جميل عياش” في تفجير العام 2005، الذي أودى بحياة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري.
وقال القاضي “ديفيد ري” وهو يتلو ملخصا للحكم، الذي جاء في 2600 صفحة: إن “سليم جميل عياش أدين بالقتل وارتكاب عمل إرهابي فيما يتصل بقتل الحريري و21 آخرين” مشيراً إلى أن “حزب الله وسوريا قد يكون لهما دوافع لقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، لكن لا يوجد دليل مباشر على تورطهما”.
القاضي “ديفيد” أكد خلال اجتماع للمحكمة الخاصة بلبنان، أن “غرفة المحاكمة تعتقد أن سوريا وحزب الله قد يكون لهما دوافع لقتل الحريري وبعض حلفائه السياسيين، لكن لم يكن هناك دليل على تورط قيادة حزب الله في اغتيال الحريري ولم يكن هناك دليل مباشر على تورط سوريا في ذلك”.